وقيل : لا بدّ في
حكم الأصل من إجماع إمّا مطلقا أو بين الخصمين ، وإلاّ أمكن منعه وهو يوجب انتشار
الكلام وتسلسل البحث ، فينتفي مقصود المناظرة [١].
وجوابه لو لم يقبل
، لم يقبل كلّ مقدّمة يقبل المنع وهو باطل.
ومنها [٢] : أن يكون معلّلا بجامع معيّن ؛ لأنّ ردّ الفرع إليه إنّما يصحّ بذلك ، وقد
علم مرارا أنّ طريق التعليل عند كلّ من الفريقين ما ذا.
ومنها : أن لا
يتأخّر عن حكم الفرع ، كقياس الوضوء على التيمّم في وجوب النيّة بجامع العبادة ،
والتيمّم متأخّر عن الوضوء ؛ لأنّه ثبت بعد الهجرة ، كذا قيل [٣].
واستدلّ عليه بأنّ
حكم الفرع إمّا أن يكون ثابتا قبل ثبوت حكم الأصل ـ إمّا بدليل ، فهو المثبت له
دون القياس ؛ أو بدونه ؛ فيلزم ثبوت الحكم بدون دليل ، وهو باطل ـ أو لا ، فيكون
ذلك كالنسخ [٤].
وفيه نظر ؛ لأنّ
تجدّد ثبوت حكم الفرع بشرع حكم الأصل إنّما يرفع عدم ثبوته ، وهو حكم عقلي ورفعه
ليس نسخا ؛ لأنّ النسخ رفع حكم ثابت شرعي بدليل شرعي. فالحقّ أنّ هذا الشرط غير
لازم.
فصل [١٨]
وللفرع أيضا شرائط
:
منها : أن يساوي
علّته علّة الأصل فيما يقصد فيه المساواة من عينها ، كالشدّة المطربة في الخمر ،
الموجودة بعينها في النبيذ. أو جنسها ، كالجناية المشتركة بين القطع والقتل في
قياس الأطراف على النفس في القصاص. هذا.
[١] حكاه الفخر
الرازي عن البشر المريسي في المحصول ٥ : ٣٦٨ ، والأسنوي عن الكرخي والبشر المريسي
في نهاية السؤل ٤ : ٣٢٠.