الأوصاف أيضا ؛
لأنّها أيضا ذوات مراتب مختلفة ، فكما أنّ المشقّة ذات مراتب ، فكذلك السفر ، وكما
يمكن تعيين ما هو المناط منه ، فكذلك يمكن تعيين ما هو المناط منها ، ولو جاز
التعليل بمطلق الوصف وإحالة المناط إلى الفهم العرفي ، لجاز ذلك في الحكمة أيضا.
وبالجملة ، لا فرق
بين الوصف والحكمة ، فلو لم يجز التعليل بالحكمة ، لم يجز بالوصف المشتمل.
وعن الثاني : منع
انتفاء اللازم ؛ لوجود التعليل بالحكمة في صور كثيرة ، كالتوسّط في إقامة الحدّ
بين المهلك وغير الزاجر ، وكالفرق بين العمل اليسير والكثير.
وعن الثالث : أنّا
لا نمنع اعتبار مظنّة الحكمة ، بل نقول : كما يجوز اعتبار المظنّة يجوز اعتبار
الحكمة أيضا. وحينئذ نقول في المحالّ التي اعتبر الشرع فيها مظنّة الحكمة : لا يجب
اطّرادها بمعنى إذا وجدت وجدت الحكمة ، ولا انعكاسها ، بمعنى إذا انتفت انتفت
الحكمة ، كما يأتي [١].
وبما ذكر ظهر أنّه
يجوز تعليل الحكم بالحكمة إذا كانت ظاهرة بنفسها ، منضبطة ؛ وبمرتبة معيّنة منها
إذا كانت غير منضبطة ؛ لأنّا نعلم أنّها هي المقصودة واعتبر المظنّة لأجلها لمانع
خفائها واضطرابها ، وبعد زوال المانع أو إزالتها يجوز اعتبارها قطعا ، فيجوز
التعليل بها بالنصّ على قواعدنا ، وبها وبالاستنباط على قواعد العامّة.
ومنها : أن لا تكون
مجرّد محلّ الحكم ولا جزءا منه. هذا ما ذهب إليه بإطلاقه بعضهم [٢]. وقيل بجواز التعليل بهما مطلقا [٣].
والحقّ قول ثالث ،
وهو ـ بعد التذكّر بأنّ العلّة إمّا متعدّية تتعدّى الأصل فتوجد في غيره ، أو
قاصرة لا تتعدّاه ، وأنّ الجزء إمّا مختصّ أو محمول أعمّ وهو الذي يسمّيه
المتكلّمون صفة نعتيّة ـ عدم جواز التعليل بالمحلّ ، وبالجزء المختصّ في
المتعدّية. وجواز