وقد اعتبر الشارع
نوع الوصف في ولاية الميراث ، فيكون معتبرا في جنس الولاية [١].
ومثال الثالث [٢] : ما يقال : « يسقط قضاء صلاة الحائض » قياسا على سقوط قضاء الركعتين
الساقطتين في السفر بجامع المشقّة. فالحكم ـ وهو قضاء الصلاة ـ نوع واحد يجمع قضاء
صلاة الحائض وقضاء صلاة المسافر ، واختلافهما بالعوارض. والوصف ـ وهو المشقّة ـ جنس
يجمع المشقّة اللازمة للحائض ، والمشقّة اللازمة للمسافر ، وهما نوعان مختلفان وقد
اعتبر الشارع مشقّة المسافر ـ وهو نوع من الجنس ـ في سقوط قضاء الصلاة فيكون الجنس
معتبرا فيه [٣].
وهذه الثلاث إن
ثبت فيها الترتيب على وفق المناسب يكون من الملائم المعتبر ، وإن لم يثبت فيها ذلك
يكون من الملاءم المرسل ، وكان عدم تعرّض القوم لما لم يتعرّضوا لها من الصور ؛
لعدم وجودها في الأحكام الشرعيّة.
ثمّ لا يخفى أنّ
ملاحظة الصور المذكورة مع النظر في أنّ الجنس قريب أو متوسّط أو بعيد ، وأنّ ثبوت
ذلك بالنصّ أو الإجماع أو بهما ، وأنّها تثبت مع ترتّب الحكم على وفق المناسب
وبدونه ، وأنّ الترتّب يشتمل على الإيماء على العلّيّة أم لا ، وأنّ كلاّ منها
يكون من أحد الأقسام المتقدّمة : من الحقيقيّة ، والإقناعيّة ، والضروريّة ،
والحاجيّة ، والتكميليّة وغيرها ، تفضي [٤] إلى أقسام
متكثّرة. ولو لوحظ معها وجود معارض من المفسدة بنحو من الأنحاء المذكورة في
المصالح المرسلة ، يؤدّي إلى أقسام لا تحصى كثرة ، ويقع بينها تعارضات وترجيحات لا
يمكن ضبط القول فيها.
ثمّ إنّ قوّة
أقسام الملاءم وضعفها يختلف باختلاف مراتب خصوص الوصف والحكم وعمومهما ، فكلّما
كان الوصف والحكم أخصّ كان الظنّ بعلّيّة الوصف للحكم آكد ؛ لكثرة ما به الاشتراك
حينئذ بين وصفي الأصل والفرع وحكميهما ، فاعتبار النوع في النوع أقوى من اعتبار
الجنس في الجنس ؛ لكثرة المشتركات بين الوصفين والحكمين في الأوّل ؛
[١] قاله الفخر
الرازي في المحصول ٥ : ١٦٤ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٥.