لاتّحادهما نوعا ،
فيشتركان في الحقيقة وفي مقوّماتهما من الجنس والفصل وفي لوازمهما ، واختلافهما [١] بالامور الخارجة ، كالمحالّ وما يجري مجراها ، وقلّة [٢] المشتركات بينهما في الثاني. وهو ظاهر.
تتمّة
الحقّ أن طريق
المناسبة لا يفيد العلّيّة ، وليست مقبولة إلاّ المناسبة المعتبرة إجماعا أو نصّا
من الشرع ، وهو المؤثّر من الأقسام المذكورة ، فإذا علم بالإجماع أو النصّ كون وصف
مناسب لحكم مؤثّرا فيه وعلّة له ، يحكم بثبوت الحكم له وكونه علّة له في الأصل ،
وهذا هو العمل بنفس المناسبة ، وإذا وجد هذا الوصف في محلّ آخر ، واريد إثبات حكم الأصل
له فيه ، يرجع إلى القياس المنصوص العلّة ، وقد عرفت الحال فيه. فهذا القسم من
المناسبة ليس من طرق الاستنباط ، وأمّا غيره من الأقسام ، فلمّا لم يقطع بالعلّيّة
فيها بنصّ أو إجماع ، فيجوز أن تكون العلّة فيها غير ذلك الوصف ، وحينئذ يحكم في
الملائم والغريب المعتبرين بمجرّد ثبوت الحكم مع المناسب في الأصل ؛ نظرا إلى
ترتّبه عليه شرعا ، وهذا هو العمل بنفس المناسب المعتبر ، ولا يحكم بعلّيته له ،
فإن ثبت هذا المناسب في محلّ آخر ، لا يقاس على الأوّل حتّى يتحقّق العمل بالقياس
عليه.
وأمّا الملائم
والغريب المرسلان ـ وهما المصالح المرسلة ـ فلا يحكم بثبوت حكم يناسبهما معهما في
محلّ أصلا ؛ لعدم ترتّبه عليه في كلام الشارع ، فلا يتأتّى العمل بنفس المصالح
المرسلة ، ولا بالقياس عليها.
ثمّ المراد بأصل
الملائم هنا هو الفرع في الأمثلة المتقدّمة فلا تغفل ؛ فإنّ الأصل فيها كان من المؤثّر
، وفرعه كان ملائما ، فإذا قيس عليه غيره يصير أصلا ، وما يقاس عليه فرعا. ومن هنا
يعلم أنّ فرع المؤثّر أحد الملائمين. هذا.
واتّفق القائسون
على قبول المؤثّر والملائم المعتبر ، والقياس عليهما ، وردّ الغريب