قلنا : نختار
امتناع الانفكاك بينهما في الخارج ، بمعنى كون الخارج ظرفا لنفسه لا لوجوده ،
وحينئذ لا يلزم وجود التلازم في الخارج ، بمعنى كون الخارج ظرفا لوجوده ، ولا [١] نفيه فيه بالكلّية ؛ إذ لا يلزم من انتفاء مبدأ المحمول انتفاء الحمل الخارجي
؛ فإنّ العمى معدوم في الخارج ، مع أنّ الأعمى يحمل على موضوعه حملا خارجيّا.
ولا يخفى أنّ هذه
الشبهة إمّا أن تستلزم رفع التلازم ، أو لا. فعلى الأوّل يثبت التلازم ، وعلى
الثاني لا يعتدّ بها.
إذا عرفت ذلك ،
فلنذكر من كلّ صنف مثالا من الأحكام الشرعيّة ليظهر كيفيّة التفريع :
فالأوّل كما يقال
: من سافر أربعة فراسخ ناويا للرجوع في يومه يجب عليه الإفطار ؛ لوجوب القصر عليه.
وثبوت الملازمة بينهما بالنصّ والاستقراء.
والنصّ قوله عليهالسلام : « إذا قصّرت أفطرت ، وإذا أفطرت قصّرت » [٢]. فبالنصّ يثبت الملازمة بالطرد ، ويتقوّى بالعكس ، ويعكس إذا عكست. ولا
يتقوّى بالتلازم بين عدميهما طردا وعكسا ؛ لعدم تناول النصّ له.
والاستقراء هو
أنّا تتبّعنا فوجدنا [ أنّ ][٣] كلّ موضع يجب فيه القصر يجب فيه الإفطار وبالعكس ، ووجدنا
[ أنّ ][٤] كلّ موضع لا يجب فيه القصر ، لا يجب فيه الإفطار وبالعكس ،
فبالاستقراء يثبت التلازم بالطرد ، ويتقوّى بالعكس وبالتلازم بين عدميهما طردا
وعكسا.
وحاصله ثبوت الحكم
بدوران وجوب القصر مع وجوب الإفطار وجودا وعدما.
وقد تقرّر بوجه
آخر : وهو أنّه يثبت أحد الأثرين فيثبت المؤثّر ، وبثبوته يثبت الأثر الآخر. أو
يقال : قد ثبت أحد الأمرين ، فيلزم ثبوت الآخر ؛ للزوم ثبوت المؤثّر للثابت
واستلزامه للآخر ، ولمّا لم يغيّر [٥] المؤثّر لا ينتقل
إلى قياس العلّة.
[
المثال ] الثاني : كما يقال : لا يصحّ هذا التيمّم لعدم اشتماله على النيّة ؛ لعدم صحّة الوضوء
بدونها ، وثبوت الملازمة بينهما في الأحكام. أمّا الأوّل فظاهر. وأمّا الثاني