وجود المقتضي أيضا
لم يكن معلوما ؛ لإمكان ثبوت ما لا يجتمع معه من غير [١] الملزومات. وهذا أيضا لا يجري فيه الاستصحاب ، كما إذا قيل بنجاسة
الجلد المطروح لاستصحاب عدم المذبوحيّة ، فيردّ بأنّ عدم المذبوحيّة لازم للحياة
والموت حتف نفسه ، والمقتضي للنجاسة هو الثاني دون الأوّل ، مع أنّه غير باق في
الزمن الثاني ، فلازمه معلوم الانتفاء فيه ، ولازم الثاني غير معلوم الثبوت في
الزمن الأوّل حتّى يستصحب ؛ لما يأتي من تعارض الاستصحابين فيه [٢].
[
الصنف ] الثالث : أن لا يحدث في الزمن الثاني ما يوجب زوال الحكم الأوّل ، فالمرأة المطلّقة
المرضعة إذا تزوّجت بعد العدّة بزوج آخر وحملت منه ولم ينقطع لبنها ، فيمكن منع
الحكم بكون اللبن من زوجها الأوّل ؛ لحدوث التزوّج والحمل من غيره.
[
الصنف ] الرابع : أن لا يوجد معارض له ، فلو وجد لا يجوز العمل به على الإطلاق ، وهو على
أقسام :
منها : أن يعارضه
استصحاب آخر ، سواء كان استصحاب حال الشرع ، كسقوط ذبابة على نجاسة رطبة ثمّ على
الثوب أو البدن وشكّ في جفافها ، وكدخول المأموم في صلاة فشكّ كون الإمام راكعا أو
رافعا.
أو استصحاب حال
العقل ، كمسألة الجلد المطروح ؛ فإنّ استصحاب الطهارة أو عدم الموت معارض باستصحاب
عدم الذبح. وقد يعارضه أصل البراءة ، كالشكّ في بقاء العبد الآبق فيجب فطرته
أوّلا.
ويعبّر عن كلّ من
المواضع الثلاثة بما تعارض فيه الأصلان ، ويجب الرجوع في الترجيح إلى المؤيّدات
الخارجيّة. وربما تعارض أصل واحد أصلين أو أكثر. وفي الجميع يصار إلى ما ينجرّ
إليه النظر في الشواهد الترجيحيّة.
ومنها : أن يعارضه
الظاهر. ويعبّر عن كلّ موضع تعارض فيه أحد الاستصحابين ، أو أصل البراءة الظاهر
بما تعارض فيه الأصل والظاهر.