ثمّ إنّ حجّيّته
مشروطة بعدم تقيّة ، أو مصلحة اخرى ، وبعدم تقدّم الإنكار وبيان ثبوت نقيضه ، أو
يتقدّمه لكن علم من شأن الفاعل أنّ إنكاره عليهالسلام[١] ينفعه ، فمع ذلك إذا لم ينكر دلّ على صحّة ما فعل ، وكان
ناسخا لما سبق.
وأمّا إذا تقدّم
الإنكار وبيان ثبوت نقيضه ، وعلم أنّ الفاعل يعلمه وينكره وإنكاره عليهالسلام[٢] لفعله لا ينفعه ، بل هو مصرّ عليه ، لم يكن تقريره وعدم
إنكاره حجّة ، كما إذا مضى كافر إلى كنيسة فرآه فلم ينكر عليه.
هذا ، والأصل عدم
المانع من حجّيّته حتّى يعلم خلافه.
وإذا عرفت ذلك ،
فكيفيّة التفريع ظاهرة عليك.
وقد فرّع عليه
الشافعي اعتبار القيافة في إثبات النسب ؛ لما نقل عنه صلىاللهعليهوآله من الاستبشار وترك الإنكار بعد حكم مجزّز المدلجيّ بالقيافة في قضيّة زيد
واسامة ؛ حيث قال ـ حين نظر إلى أقدامهما ـ : هذه الأقدام بعضها من بعض. وإنّما
كان ذلك بعد ما طعن المنافقون في نسب زيد بسواد أحدهما وبياض الآخر ، وحكم الشرع
بثبوته [٣].
واجيب عنه بأنّ
ترك الإنكار إنّما هو لأجل أنّ المطلوب كان حقّا في الواقع ، موافقا لقول الشارع ،
والطريق كان حقّا عندهم ؛ لأنّهم يعتقدون القيافة ، فكان ذلك إلزاما عليهم ،
والإلزام لا يلزم أن يكون بمقدّمة حقّة [٤].
وفيه : أنّ موافقة
الحقّ لا تمنع الإنكار إذا كان الطريق منكرا.
والحقّ أن يقال :
إنّ عدم الإنكار لما سبق منه مكرّرا ولم يقبلوا منه ، وكانوا مصرّين على حقّيّة
القيافة ، تعرف أنّهم لا يقبلون منه.
فائدة
ربما ظهر من بعض
الأصحاب حجّيّة حكم المعصوم عليهالسلام في الرؤيا قولا كان أو فعلا ؛ لما