ويعكس الأمر فيمن
عكس حاله ، كعليّ بن أسباط [١] ، والحسين بن يسار [٢] ، ونظرائهما ممّن
تاب ورجع بعد الإنكار ، أو اتّصف بالعدالة بعد كونه فاسقا.
ثمّ ما رواه أحد
هؤلاء إن عرف أنّه في أيّ الوقتين رواه ، فيتّصف بما يقتضيه هذا الوقت. ومعرفة ذلك
إمّا بالتأريخ ، أو بقول الراوي : « حدّثني قبل اختلاطه » أو « بعده » أو ببعض
القرائن. ومع الإطلاق والجهل بالتأريخ وعدم مائز آخر ، يقع الشكّ فيلزم ردّه.
وهنا إشكال مشهور
، وهو أنّ كثيرا من الرجال كانوا على الحقّ ثمّ رجعوا إلى خلافه ، أو بالعكس ،
والقوم يعتمدون على رواياتهم ويقبلونها مع الشكّ في وقت أداء الرواية.
والجواب : أنّ
الاعتماد والقبول إن كان من الأقلّين ، فلا إشكال ؛ لعدم حجّيّة في قولهم ، فلا
يعبأ به ، وإن كان من الأكثرين أو الجميع وكان مرادهم من الاعتماد الوثاقة ، بمعنى
كونها موثّقات دون الصحاح ، فلا إشكال أيضا ؛ لأنّ أكثر هؤلاء رواياتهم من
الموثّقات ؛ لكونهم موثّقين في القول وإن لم يكونوا إماميّين.
وإن كان مرادهم
منه عدّ رواياتهم من الصحاح ، فنقول : إنّ قدماء القوم لمّا كانوا مطّلعين على
حقيقة الأمر لقرب عهدهم إلى هؤلاء ، فيمكن أن يقال : إنّهم اطّلعوا على أنّ السماع
من هؤلاء ، أو النقل من اصولهم كان قبل اختلاطهم ، أو بعد استقامتهم ، أو أخذ
هؤلاء كان من شيوخ أصحابنا الموثوق بهم ، كما قيل في عليّ بن الحسين [٣] الطاطري : إنّه روى كتبه عن رجال موثوق بهم من أصحابنا [٤].
فائدة
قد أشرنا فيما
تقدّم [٥] أنّ الشهادة والرواية تشتركان في كونهما إخبارا عن الجزم ،
وتفترقان في أنّ المخبر عنه إن كان خاصّا بمعيّن فهو الشهادة ، وإن كان عامّا فهو
الرواية.