لا يقال : لو قال
العدل : « حدّثني عدل » ولم يكن عدلا في الواقع لما ذكر ، يلزم تدليس العدل.
قلت : مثل هذه
العبارة لا يكون في مقام الشهادة لعموم الناس ، كما هو شأن تعديل علماء الرجال ،
بل هو في مقام الاجتهاد أو الرواية ، ويعتقد أنّ قوله ليس حجّة لأهل العلم والحديث
، ويعلم أنّهم لا يعتقدون حجّيّة قوله ، فيبني التعديل على اعتقاده ، فلا تدليس.
وكيفيّة التفريع :
أنّه إذا وصف بعض الفقهاء رواية بالصحّة ، لم يكف ذلك في العمل بها ؛ لأنّه في
الحقيقة تعديل لرواتها ، بل لا بدّ من المراجعة إلى سندها حتّى يظهر حقيقة الحال ،
وقد رجعنا مرارا بأسانيد بعض الروايات التي وصفها بعض الأصحاب بالصحّة فوجدناها
مخالفة لما ذكروه.
فصل [١٨]
الاعتبار بحال
الراوي وقت أداء الرواية ، لا وقت تحمّلها ، ووجهه ظاهر. فلو تحمّلها متّصفا
بالشرائط المعتبرة ـ من الإسلام ، والإيمان ، والعدالة ، وغيرها ـ وأدّاها وقت عدم
اتّصافه بها كلاّ أو بعضا ، لم تقبل منه ، ولو عكس قبلت منه.
فمن روى عن
أئمّتنا عليهمالسلام أو رواتهم ؛ إذا زال اتّصافه بالشروط المعتبرة بعد اتّصافه
بها ـ كمحمّد بن عليّ بن رباح [١] ، وعليّ بن أبي حمزة [٢] ، وإسحاق بن جرير
[٣] وأمثالهم من الواقفة ؛ حيث خلطوا في زمن الكاظم عليهالسلام بعد استقامتهم ، والفطحيّة ، حيث خلطوا في زمن الصادق عليهالسلام ، وكمحمّد بن عبد الله أبي المفضّل [٤] ، ومحمّد بن عليّ
الشلمغاني [٥] وغيرهم ممّن اتّصف بعد الاستقامة بإحدى القوادح ـ يقبل منه
ما روى قبل الاختلاط ، ويردّ ما روى بعده.
[١] لم نعثر عليه في
كتب الرجال مع فحص ليس بقليل. الظاهر أنّه اشتباه والصحيح : عليّ بن محمّد بن
رباح. راجع : رجال النجاشي : ٢٥٩ ، الرقم ٦٧٩ ، وقوانين الاصول ١ : ٤٦٣.