ووجهه عندهم : أنّ
المتيقّن ثبوت الفرع بما يثبت به الأصل ؛ نظرا إلى ما ذكروه ، وبأنقص منه مشكوك
فيه فلا يصار إليه إلاّ بدليل ، والاكتفاء بتعديل شهود الزنى بالعدلين للنصّ [١] ، وعلى ما اخترناه لا يخفى حقيقة الحال.
وثانيهما : أنّ
مفهوم آية التثبّت [٢] يدلّ على عموم قبول خبر الواحد العدل إلاّ ما خرج بدليل
كالشهادة.
وجوابه : أنّ
المراد بالفاسق في الآية من له صفة الفسق في الواقع ، فيتوقّف قبول الخبر على
العلم بانتفائها ، وهو يتوقّف على العلم بالعدالة ، كما تقدّم [٣] مفصّلا. فمنطوق الآية يدلّ على توقّف قبول الخبر على العلم بالعدالة ، وحصوله
موقوف على أحد الامور الثلاثة ، وواحد منها ـ أعني البيّنة ـ وإن لم يفد العلم
إلاّ أنّه قائم مقامه شرعا ، وخبر الواحد لا يفيد العلم لا عقلا ولا شرعا. فلو دلّ
مفهوم الآية على عموم قبول خبر الواحد وإن كان في معرفة العدالة ، يلزم التناقض
بين المفهوم والمنطوق ؛ لأنّ مقتضى المفهوم ـ وهو قبول خبر الواحد في معرفة
العدالة ـ عدم اشتراط العلم بالعدالة ؛ لأنّه لا شبهة في أنّ خبر الواحد لا يفيد
العلم ، ومقتضى المنطوق خلافه ، كما عرفت [٤] ، فلا بدّ من حمل
المفهوم على إرادة الإخبار بما سوى العدالة حتّى يندفع التناقض.
فإن قيل : المفهوم
يدلّ على عموم قبول خبر الواحد ، والمنطوق يدلّ على عموم عدم قبوله ، فكما يمكن أن
يخصّص المفهوم بالمنطوق ويقال : المراد من المفهوم الإخبار بما سوى العدالة ،
فيمكن العكس أيضا بأن يقال : المراد من عدم قبوله فيما سوى البيّنة وخبر الواحد عن
العدالة ، وليس تخصيص أحد العمومين بالآخر أولى من العكس.
قلت : تخصيص
المفهوم بالمنطوق أولى ؛ لكونه أقوى وأرجح ، وتخصيص المنطوق بالمفهوم في باب
البيّنة للدليل الخارجي لا بالنظر إلى خصوص العمومين ، وخبر الواحد في التعديل
لمّا لم يثبت بدليل من خارج ، ووقع فيه التعارض بين العمومين ، يلزم أن يخصّص
[١] راجع وسائل
الشيعة ٢٧ : ٤٠٣ ، أبواب الشهادات ، الباب ٤٤ ، ح ٢.