والمدّعى وإن كان
حقّا عندنا ـ فإنّه يجب العمل بخبر الواحد عقلا ، كما ثبت من الدليل الأوّل [١] ، ونقلا كما ثبت من باقي الأدلّة ـ إلاّ أنّ هذا الدليل [٢] لا يخلو عن تأمّل ؛ لإمكان منع وجوب العمل بالظنّ في تفاصيل ما يجب قطعا ، بل
العمل به فيها [٣] أولى ؛ للاحتياط. على أنّه ربما يكون الاحتياط ترك العمل
به ، كما إذا احتمل العمل به مضرّة. فهذا النقض غير وارد ، كما أنّ النقض بالشهادة
والفتوى [٤] أيضا كذلك ؛ لإمكان أن يقال : إنّهما مخصّصان بدليل من
خارج.
وثانيهما : إصرار
المرتضى رحمهالله في نفي حجّيّته ، وادّعاؤه الإجماع عليه. وذكر أنّ شيوخ
الطائفة ورؤساءهم قد ملئوا الطوامير ، وسطّروا الأساطير في الاحتجاج عليه والنقض
على من خالفهم ، وصرّح بأنّهم يعلمونه بديهة ، كما يعلمون بطلان القياس [٥]. وقد كرّر أمثال هذه العبارات في كتبه ، ولو لم يتّضح له لما أصرّ بهذه
المثابة.
وجوابه : أنّ
كلامه معارض بما ذكره الشيخ من المبالغة ، ودعوى الإجماع على خلافه [٦]. وكيف يسمع دعوى الضرورة في أنّ الإماميّة ينكرون العمل بخبر الواحد ، مع
أنّا نعلم قطعا أنّ معظمهم يعملون به؟!
وأيضا لا شبهة في
بقاء التكليف ، فإن اكتفي فيه بالظنّ ، فهو حاصل من خبر الواحد ، وإلاّ يلزم
التكليف بالمحال ؛ لعدم إمكان تحصيل القطع في شيء من مضامين أخبار الآحاد.
والقول بأنّ معظم
الفقه يعلم بالضرورة ، والتواتر ، و [٧] الإجماع ـ كما
قال المرتضى رضى الله عنه [٨] ـ ضعيف ؛ لضرورة العلم بخلافه.