واستماع خطبتها ، وكأنه قال : اذا نودي للصلاة عند الزوال يوم الجمعة فصلوا
الجمعة ، أو فاسعوا الى صلاة الجمعة وصلوها.
قال : وهذا
واضح الدلالة لا اشكال فيه ، ولعله السر في قوله تعالى ( فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ ) ولم يقل فاسعوا اليها ، وانما علقه على الاذان حثاً على
فعله لها [١] حتى ذهب بعضهم الى وجوبه لها لذلك ، وكذا القول في
تعليق الامر بالسعي ، فانه أمر بمقدماتها على أبلغ وجه ، واذا وجب السعي اليها
وجبت هي أيضاً بطريق الاولى ، ولا معنى لايجاب السعي اليها مع عدم ايجابها ، كما
هو ظاهر انتهى كلامه [٢].
أقول [٣] : وبالله
التوفيق « اذا » الشرطية ليست بناصة في العموم لغة ، لكونها من سور المهملة ،
ودعواهم أن المستعملة في الايات الاحكامية تكون بمعنى « متى » و « كلما » فتفيد العموم
عرفاً ، نحو ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
[٣] الغرض من هذا
التفصيل الايماء الى كيفية الاستدلال بالاية ، وطريقة الاستنباط منها ، وفيه تعريض
على المستدل ، فان المراد بكون آية مثلا دليلا على حكم ، أنه يستنبط من منطوقها أو
مفهومها ذلك الحكم ، ويستدل بها عليه بعد العلم بضوابط الاستدلال من غير أن يستعان
فيه بقول زيد وعمرو.
كما يستدل مثلا بقوله تعالى ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) على الضرب والشتم
واللطم وبقوله عليهالسلام « في سائمة الغنم الزكاة » على انتفائها عن المعلوفة. وبقوله « فلا اذن »
عن أن المقتضى للمنع هو اليبوسة الموجبة للنقص ، فيعم الحكم الرطب باليابس ، وذلك
ظاهر.
ألا ترى الى ما سبق من الفاضل
الحلى أنه كيف قسم الادلة السمعية وبين كيفية استنباط الاحكام في الكتاب والسنة ،
والخبر تارة بالمنطوق وأخرى بالمفهوم ، الى آخر ما ذكره فارجع اليه وتأمل فيه ثم
اذعن بما ذكرناه « منه ».