ففي مثل هذه
المقامات لا يجب على المسروق منه أو المغصوب منه رفع اليد عن ماله وبذله لحفظ نفس
السارق والغاصب ، كما يدلّ على ذلك قوله تعالى : (غَيْرَ باغٍ وَلا
عادٍ)[١] على ما هو ظاهر الآية والتفسير المستفاد من الأخبار لها
، من كون المراد بهما الخارج على الإمام وقاطع الطريق والسارق.
وقد اعترض على
هذا المعنى من التفسير بأنّ حفظ النفس واجب ، وهو أهمّ من المال بلا إشكال ، فأجاب
عنه أصحابنا بأنّ حفظ النفس واحترامه واجب ما لم يكن التالف معرّضا نفسه للتلف [٢] ، وكما أنّهم تسالموا في مسألة ما لو توقّف الخلاص من
يد السارق على قتله يجوز قتله ، وظاهرهم أنّ هذا [٣] هو ما تقتضيه القاعدة.
وسرّ ذلك كلّه
هو : أنّ مسألة حفظ النفس واحترامه حكم امتنانيّ من الشرع ، ومن البداهة أنّه لا
امتنان على نفس ألقت نفسه بإقدامه في الهلكة ، فلو لم يرد تفسير من أهل البيت عليهمالسلام للآية من باب مناسبة الحكم والموضوع الّذي هو العادي ،
لكان يستفاد ذلك من الآية ، كما لا يخفى من أنّه لا يجب حفظ نفس العادي الّذي من
مصاديقه الغاصب المعرّض نفسه للتلف ، خصوصا فيما إذا احتمل الغاصب في المثال
المذكور قدرة المغصوب منه على قلع الخشبة في اللّجة ، وفعل المغصوب منه ذلك ، أو
لم يتمكّن المغصوب منه أخذه إلّا في مثله ـ أي اللجّة ـ فإنّه لا إشكال في عدم
امتنان في مثله ، مع كونه مخالفا للامتنان على