مال الفاسخ يتوقّف على تلف نفس المفسوخ عليه أو غيره فلا يجوز التخليص ، بل
يجب عليه الإبقاء حتّى لو خلّص ماله ، كما لو قلع خشب السفينة في لجّة البحر فتلف
المفسوخ عليه أو غيره للغرق ونحوه ، فيكون القالع الفاسخ ضامنا ، ضرورة أنّه
انقطعت سلطنة المفسوخ عليه عن الخشبة فعلا ، فلا تزاحم سلطنته المالك الفاسخ إلّا
أنّ مسألة حفظ النفس وأهميّته لا ربط له بباب المزاحمة ، بل هو واجب في كلّ حال
وعلى كلّ أحد ، ولا يزاحمه شيء من الحقوق والأموال ، بل هو مرجّح على كلّ شيء ،
والمفروض أنّ المفسوخ عليه ليس غاصبا أصليّا حتّى يكون باغيا وعاديا فتسقط نفسه عن
الاحترام ، كما يحتمل أن يقال ذلك في الصورة الآتية ، بل هو غاصب عرضا فنفسه وكذلك
غيره على الاحترام باق ، فيجب على نفسه وكذلك على الفاسخ حفظ نفسه بأيّ نحو كان ،
ولو أوجب تلف المال بلا إشكال.
وأمّا لو لم
يكن الغاصب في الإحداث ذا حقّ ، فقد أشرنا إلى جواز تخليص المغصوب منه ماله ولو
أوجب تلف مال الغاصب ، وأمّا لو استلزم ذلك تلف نفسه فعلى حسب ما تقتضيه قاعدة باب
المزاحمة أيضا جواز تخليصه ، مع قطع النظر عن مسألة الأهميّة الخارجيّة الثابتة
للنفس.
بيان ذلك : إنّ
السلطنة الثابتة للناس على نفوسهم بالأولويّة الثابتة على أموالهم أو بغيرها أيضا
تكون هذه السلطنة ذات مراتب ، كما في السلطنة على الأموال ، منها ما لا ينطبق على
التصرّف في مال الغير ، ومنها ما ينطبق ، فبهذا الاعتبار أيضا تصير السلطنة على
أنفسهم ذات مراتب ، فكما قلنا : إنّ الناس مسلّطون على جميع هذه المراتب ـ أي
مراتب أموالهم ـ إلّا المرتبة الّتي أوجب