الأوّل : هو أن يكون المباشر مقدّما على السبب ، كما إذا حفر أحد
بئرا في غير ملكه عدوانا فألقى آخر أحدا فيه ، فإنّه لمّا يكون التلف ، وكذلك
الإتلاف مستندا إلى الملقي ، وإن كان الحفر شرطا بالنسبة إلى التلف ، مع ذلك يكون
الملقي لقوّته ضامنا ، لما عرفت من أنّ الشرط والمقتضي لا يؤثّران بالنسبة إلى
الضمان ، بل هو تابع لصدق عنوان الإتلاف المتحقّق بالمباشرة أو التسبيب بلا أن
يكون لهما موضوعيّة ، وقد أوضحنا مناط صدق التسبيب ، ومن المعلوم أنّه بمعناه في
الصورة المفروضة لقوّة المباشر لا يصدق ، فلا مقتضي لضمان غير المباشر استقلالا
ولا اشتراكا.
ومن ذلك ؛ ظهر
النظر في ما مال إليه في المقام صاحب «الرياض» قدسسره خلافا للمشهور ، فإنّه قدسسره لمّا زعم كون التسبيب عنوانا مستقلّا في عرض عنوان
الإتلاف فمال هنا إلى اشتراك الحافر والملقي في الضمان [١] ، وقد عرفت ضعف ذلك بما لا مزيد عليه ، بل قد ظهر من
ذلك أيضا حكم ما لو صدق على فعله ـ أي المسبّب ـ الإعانة ، ففيه أيضا يكون المباشر
هو الضامن ؛ لأنّ الإعانة مثل نصب السكّين ونحوه لا يخرج عن كونه مقتضيا أو شرطا [٢] وقد قلنا : إنّه لا مدخليّة لهما في الضمان.
وبالجملة ؛ فما
لم يصدق عنوان الإتلاف استقلالا أو اشتراكا فلا يوجب الضمان ، فعلى فعل المعين إن
صدق الاشتراك فيصير شريكا في الضمان ، وإلّا