على الغير ولو كان الغير سببا ، ولكن لمّا كانت جهة السببيّة في مثل هذه
الصورة ملغاة في نظر العرف ولذلك يكون التلف مستندا إلى المباشر نفسه.
وبالجملة ؛
فلمّا بنينا على كون المراد من السبب في المقام هو بمعناه الاصطلاحي من كون المناط
[١] في استناد الضمان صحّة نسبة الإتلاف إلى السبب ، بأن يكون بحيث يلزم من
وجوده الوجود ومن عدمه العدم ، ولكن لا بالنسبة إلى مادّة التلف بل بالنسبة إلى
هيئة الإتلاف ، بمعنى أنّه ولو كان يصحّ استناد المادّة إلى غيره كما إذا قدّم أحد
طعاما مسموما إلى غيره وأمره بأكله مع كون الآكل جاهلا به رأسا ، فإنّه وإن لم يكن
التلف مستندا إلى الآمر إلّا أنّه لا إشكال في أنّ الإتلاف مستند إليه ، ففي
الصورة المذكورة لمّا كان الإتلاف أيضا مستندا إلى الداخل بغير إذن المالك فيصير
من المقامات الّتي يكون المباشر أقوى من السبب هذا.
تقديم المباشر على السبب وبالعكس
الفرع
الثاني : قال في «الشرائع»
: (لكن إذا اجتمع السبب والمباشر قدّم المباشر في الضمان على ذي السبب) [٢] .. إلى آخره.
اعلم! أنّ هنا
صورا أربعا نتعرّضها ،
[١] فالمناط في صدق
النسبة وصحّته هو أن يصحّ استناد هيئة الإتلاف به بالسبب ، وإن كان بالنسبة إلى
المادّة ، وهي والتلف شرطا أو مقتضيا كحفر البئر في الطريق المعمورة عدوانا ، فإنّ
الحفر لا يلزم من وجوده الوقوع في البئر ، ومن عدمه عدمه ، بل هو شرط أو مقتض
بالنسبة إلى التلف ، ولكنّه بالنسبة إلى الإتلاف عرفا يكون يلزم من وجوده الوجود
ومن عدمه العدم «منه رحمهالله».