أمّا فيما إذا
كان زمان العمل معيّنا وحبسه الغاصب في ذاك ، بحيث لم يقدر الأجير أن يعمل في
الحبس ، ففي هذه الصورة لمّا كان الامتناع نشأ من قبل الحابس ، والمؤجر كان حاضرا
للوفاء بعقد الإجارة وتسليم ما يؤجر له ، فالظاهر أنّ الأجير يستحقّ الاجرة ،
وإنّما ضمانها على الحابس ، وذلك لأنّ الأجير تملّك الاجرة بعقد الإجارة والعقد
بحاله باق ، لأنّ المفروض أنّ المؤجر ما امتنع عن الوفاء حتّى ينفسخ العقد ، فإذا
استحقّ الاجرة فيأخذها من مؤجره ، فإن كان هو نفس الحابس فليس له شيء ؛ لأنّه
بنفسه أقدم على منع نفسه عن استيفاء حقّه ، وإن كان غيره فهو يرجع على الحابس.
فكيف كان ؛
المؤجر يستحقّ الاجرة لما يقتضيه عقد الإجارة ، لا للإتلاف حتّى يقال بأنّه لم
يتحقّق شيء في الخارج من العمل حتّى يصدق أنّ الحابس أتلفه ، فتأمّل!
وأمّا فيما لم
يكن للعمل زمان محدود ، بل إنّما استأجره المستأجر لخياطة ثوب ـ مثلا ـ بلا أن
يشترطه في زمان خاصّ ، ففيه لا إشكال أنّه بالحبس لا يستحقّ من الاجرة شيئا ؛ لعدم
إيجاده العمل المؤجر له ، وعدم انقضاء زمانه أيضا ، والعقد ما وقع على العمل إلّا
على نحو الإطلاق ، فهو بعد قادر على تسليم العمل ، وما لم يسلّمه لا يستحقّ الاجرة
، ولا يتملّكه مستقرّا.
وبالجملة ؛ فبالحبس
لا تشتغل ذمّة الحابس بشيء ؛ لأنّ اشتغال ذمّته فرع استحقاق المؤجر شيئا ،
والمفروض أنّه ما لم يف بالعقد لم يستحقّ شيئا وفي الصورة السابقة إنّما كان
ممنوعا عن الوفاء بالعقد ، ولذلك كان يستحقّ الاجرة ،