فمَنْ تُسلب منه قوّته يسقط تكليفه ، ومَنْ
لا يستطيع ويقدر فإنّه لا مسؤولية عليه ولا تكليف ، والقاعدة تقول : إذا أخذ ما
أوهب أسقط ما أوجب.
فهم الأخلاق
وقبل المضي في البحث ، لا بدَّ من نظرة
إلى الماضي السحيق والحاضر اللصيق ؛ لمعرفة نظرة العلماء والفلاسفة لهذه المسألة
الخلقية. وهدفنا ليس البحث عن النظريات الأخلاقيّة المختلفة ومناقشتها والإشكال
عليها ؛ فلهذا كلّه أماكن وأبحاث أُخرى ، وأمّا هدفنا فهو إعطاء لمحة سريعة لزيادة
الإيضاح لهذه الفكرة التي توصلنا إليها.
فالبحث في الجذور يعني الأصالة والتأصيل
، وأمّا في الفروع فإنّه يعني التهذيب والتحسين والتجميل.
والتأصيل والتجميل عمليتان لا بدَّ
منهما في تناولنا لمسألة الأخلاق ؛ لأنّهما تمسّان الجوانب النظرية في أصولها ، وغايتهما
الجوانب العملية في غاياتها ؛ لأنّ الأخلاق قواعد وعمل تهذيبي لتجميل السلوك
البشري ، وتحسين الحياة الإنسانيّة الفردية والاجتماعية ؛
وذلك لأنّ الوجود الأخلاقي معطى نفسي ، اجتماعي
قيمي ، يشتمل على الوقائع اللازمة في كلّ مجتمع إنساني ممّا يتّصل بالسلوك.