ولأجل تلك
المشابهة كان المعبّرون كثيرا ما يعبّرون الماء الصافي بالعلم ، والينبوع الحسن
الجاري بالرجل الفاضل ؛ وإن كان الينبوع الحقّ للكلّ هو المبدأ الأوّل جلّ وعلى ،
ثمّ العقل الثاني ، ثمّ الثالث هكذا إلى العقل العاشر.
إلّا أنّ هذا
العقل هو الفاعل الأقرب لما في هذا العالم.
وإذا فهمت ذلك
بيّن حينئذ سرّ قوله : (يُفَجِّرُونَها
تَفْجِيراً) أي ينال كلّهم في كلّ وقت ما يستحقّه بحسب إمكانه
واستعداده. انتهى ملخّص مقاله.
العاشرة
: جملة «يفجّرونها»
في محلّ النصب على الحاليّة.
وقيل على
الوصفيّة.
أي يقودون تلك
العين حيث شاءوا من منازلهم وقصورهم.
والتفجير :
تشقيق الأرض بجري الماء.
قيل : وأنهار
الجنّة تجري بغير أخدود ، فإذا أراد المؤمن أن يجري نهرا خطّه خطّا فينبع الماء من
ذلك الموضع ويجري بغير تعب.
هذا حاصل ما
ذكره المفسّرون.
وأقول : في
نسبة التفجير إلى أنفسهم إشارة إلى أنّهم بجهدهم وسعيهم لقد بلغوا ذلك المبلغ ،
وفازوا بذلك المقام ، أي يفجّرون ينبوع العلم والحكمة من أرض هويّتهم برياضتهم
واجتهادهم بحسب القوّة ، فكلّ يفجّر بقدر استطاعته واستعداده ، وفيه إشعار لطيف
بأنّ الإنسان من حيث هو قابل لذلك المقام وهذه العلوم مكنونة فيه يحتاج في
استخراجها إلى رعاية أسبابه المعدّة لذلك ؛ كالتصفية والتزكية المعتبرتين عند أهل
الذوق