99-/9789 _9- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي بَعْضِ خُطَبِهِ: «وَ اللَّهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا،وَ لَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ:أَ لاَ تَنْبِذُهَا؟فَقُلْتُ:اُعْزُبْ عَنِّي،فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يُحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى» [1].
99-/9790 _10- وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ،عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،أَنَّهُ قَالَ: «وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)لَيَأْكُلُ أَكْلَةَ الْعَبْدِ،وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ،وَ إِنَّهُ كَانَ لَيَشْتَرِي الْقَمِيصَيْنِ فَيُخَيِّرُ غُلاَمَهُ خَيْرَهُمَا،ثُمَّ يَلْبَسُ الْآخَرَ،فَإِذَا جَازَ أَصَابِعَهُ قَطَعَهُ،وَ إِذَا جَازَ كَعْبَهُ حَذَفَهُ،وَ لَقَدْ وُلِّيَ خَمْسَ سِنِينَ مَا وَضَعَ آجُرَّةً عَلَى آجُرَّةٍ،وَ لاَ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَ لاَ أَوْرَثَ بَيْضَاءَ وَ لاَ حَمْرَاءَ،وَ إِنْ كَانَ لَيُطْعِمُ النَّاسَ خُبْزَ الْبُرِّ وَ اللَّحْمِ وَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَ الزَّيْتَ وَ الْخَلَّ،وَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ كِلاَهُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا إِلاَّ أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِهِ،وَ لَقَدْ أَعْتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ مِنْ كَدِّ يَمِينِهِ،تَرِبَتْ مِنْهُ يَدَاهُ وَ عَرِقَ فِيهِ وَجْهُهُ،وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،وَ إِنْ كَانَ لَيُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ،وَ إِنْ كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ شَبَهاً بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،وَ مَا أَطَاقَ عَمَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَهُ».
ثُمَّ إِنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّهُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْعَلاَءِ بْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ يَعُودُهُ.قَالَ لَهُ الْعَلاَءُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،أَشْكُو إِلَيْكَ أَخِي عَاصِمَ بْنَ زَيْدِ لَبِسَ الْعَبَاءَةَ،وَ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا.فَقَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«عَلِيٌّ بِهِ».فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ:«يَا عُدَيَّ نَفْسِهِ،لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ،أَ مَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ وَ وُلْدَكَ،أَ تَرَى،اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَنْ تَأْخُذَهَا!أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ».قَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،هَذَا أَنْتَ فِي خُشُونَةِ مَلْبَسِكَ وَ جُشُوبَةِ مَأْكَلِكَ،قَالَ:
«وَيْحَكَ إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ،إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلاَ يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ» [2].
قوله تعالى:
وَ اذْكُرْ أَخٰا عٰادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقٰافِ [21] /9791 _1-علي بن إبراهيم:الأحقاف:بلاد عاد،من الشقوق إلى الأجفر و هي أربعة منازل.
99-/9792 _2- ثُمَّ قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،قَالَ: أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ أَنْ يُحْفَرَ بِالْبَطَّانِيَّةِ [3]بِئْرٌ،فَحَفَرُوا ثَلاَثَمِائَةِ قَامَةٍ،فَلَمْ يَظْهَرِ الْمَاءُ،فَتَرَكَهُ وَ لَمْ يَحْفِرْهُ،فَلَمَّا وُلِّيَ الْمُتَوَكِّلُ أَمَرَ أَنْ يُحْفَرَ ذَلِكَ أَبَداً حَتَّى يَظْهَرَ الْمَاءَ،فَحَفَرُوا حَتَّى وَضَعُوا فِي كُلِّ
[1] مثل يضرب لمن يحتمل المشقّة رجاء الراحة،و يضرب أيضا في الحثّ على مزاولة الأمر و الصبر و توطين النفس حتّى تحمد عاقبته.
[2] أي يهيج به و يغلبه حتّى يقهره.
[3] في المصدر:بالباطئية.