يَخْرُجُ مِنْ طِينَةِ خَبَالٍ،وَ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَهَنَّمَ،وَ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَظَى،وَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْحُطَمَةِ،وَ مَا يَخْرُجُ مِنْ سَقَرَ،وَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْجَحِيمِ [1]،وَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْهَاوِيَةِ،وَ مَا يَخْرُجُ مِنَ السَّعِيرِ [2]،وَ مَا مَرَرْتُ بِهَذَا الْجَبَلِ فِي سَفَرِي فَوَقَفْتُ بِهِ إِلاَّ رَأَيْتُهُمَا يَسْتَغِيثَانِ وَ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى قَتَلَةِ أَبِي،وَ أَقُولُ لَهُمَا:إِنَّمَا هَؤُلاَءِ فَعَلُوا مَا أَسَّسْتُمَا،لَمْ تَرْحَمُونَا إِذْ وُلِّيتُمْ، وَ قَتَلْتُمُونَا وَ حَرَمْتُمُونَا،وَ وَثَبْتُمْ عَلَى حَقِّنَا [3]،وَ اسْتَبْدَدْتُمْ بِالْأَمْرِ دُونَنَا،فَلاَ رَحِمَ اللَّهُ مَنْ يَرْحَمُكُمَا،ذُوقَا وَبَالَ مَا قَدَّمْتُمَا،وَ مَا اللَّهُ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ.وَ أَشَدُّهُمَا تَضَرُّعاً وَ اسْتِكَانَةً الثَّانِي،فَرُبَّمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِمَا لِيَتَسَلَّى عَنِّي بَعْضُ مَا فِي قَلْبِي،وَ رُبَّمَا طَوَيْتُ الْجَبَلَ الَّذِي هُمَا فِيهِ وَ هُوَ جَبَلُ الْكَمَدِ».
قَالَ:قُلْتُ لَهُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،فَإِذَا طَوَيْتَ الْجَبَلَ،فَمَا تَسْمَعُ؟قَالَ:«أَسْمَعُ أَصْوَاتَهُمَا يُنَادِيَانِ:عَرِّجْ عَلَيْنَا نُكَلِّمْكَ،فَإِنَّا نَتُوبُ؛وَ أَسْمَعُ مِنَ الْجَبَلِ صَارِخاً يَصْرَخُ بِي:أَجِبْهُمَا وَ قُلْ لَهُمَا:اِخْسَؤُوا فِيهَا وَ لاَ تُكَلِّمُونِ».
قَالَ:قُلْتُ لَهُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،وَ مَنْ مَعَهُمْ؟قَالَ:«كُلُّ فِرْعَوْنٍ عَتَا عَلَى اللَّهِ وَ حَكَى اللَّهُ عَنْهُ فَعَالَهُ،وَ كُلُّ مَنْ عَلَّمَ الْعِبَادَ الْكُفْرَ».
قُلْتُ:مَنْ هُمْ؟قَالَ:«نَحْوُ بُولَسَ الَّذِي عَلَّمَ الْيَهُودَ أَنَّ يَدَ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ،وَ نَحْوُ نَسْطُورَ الَّذِي عَلَّمَ النَّصَارَى أَنَّ عِيسَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ،وَ قَالَ:إِنَّهُ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ [4]؛وَ نَحْوُ فِرْعَوْنِ مُوسَى الَّذِي قَالَ:أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى؛وَ نُمْرُودُ [5] الَّذِي قَالَ:قَهَرْتُ أَهْلَ الْأَرْضِ،وَ قَتَلْتُ مَنْ فِي السَّمَاءِ؛وَ قَاتِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَاتِلُ فَاطِمَةَ وَ مُحَسِّنٍ،وَ قَاتِلُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)،وَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَهُمَا يَطْمَعَانِ فِي الْخَلاَصِ؛وَ مَعَهُمْ كُلِّ مَنْ نَصَبَ لَنَا الْعَدَاوَةَ، وَ أَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَ يَدِهِ وَ مَالِهِ».
وَ قُلْتُ لَهُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،فَأَنْتَ تَسْمَعُ هَذَا كُلَّهُ وَ لاَ تَفْزَعُ؟قَالَ:«يَا ابْنَ بَكْرٍ،إِنَّ قُلُوبَنَا غَيْرُ قُلُوبِ النَّاسِ،[إِنَّا مُطِيعُونَ مُصَفَّوْنَ مُصْطَفَوْنَ،نَرَى مَا لاَ يَرَى النَّاسَ،وَ نَسْمَعُ مَا لاَ يَسْمَعُ النَّاسُ]،وَ إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَنْزِلُ عَلَيْنَا فِي رِحَالِنَا، وَ تَتَقَلَّبُ عَلَى فُرُشِنَا،وَ تَشْهَدُ طَعَامَنَا،وَ تَحْضُرُ مَوْتَنَا [مَوْتَانَا] [6]،وَ تَأْتِينَا بِأَخْبَارِ مَا يَحْدُثُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ،وَ تُصَلِّي مَعَنَا، وَ تَدْعُو لَنَا،وَ تُلْقِي عَلَيْنَا أَجْنِحَتَهَا،وَ تَتَقَلَّبُ عَلَى أَجْنِحَتِهَا صِبْيَانُنَا،وَ تَمْنَعُ الدَّوَابُّ أَنْ تَصِلَ إِلَيْنَا،وَ تَأْتِينَا مِمَّا فِي الْأَرَضِينَ مِنْ كُلِّ نَبَاتٍ فِي زَمَانِهِ،وَ تَسْقِينَا مِنْ مَاءِ كُلِّ أَرْضٍ،نَجِدُ ذَلِكَ فِي آنِيَتِنَا،وَ مَا مِنْ يَوْمٍ وَ لاَ سَاعَةٍ وَ لاَ وَقْتِ صَلاَةٍ إِلاَّ وَ هِيَ تُنَبِّهُنَا لَهَا،وَ مَا مِنْ لَيْلَةٍ تَأْتِي عَلَيْنَا إِلاَّ وَ أَخْبَارُ كُلِّ أَرْضٍ عِنْدَنَا،وَ مَا يَحْدُثُ فِيهَا،وَ أَخْبَارُ الْجِنِّ وَ أَخْبَارُ [أَهْلِ]الْهَوَاءِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ،وَ مَا مِنْ مَلَكٍ يَمُوتُ فِي الْأَرْضِ وَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ إِلاَّ أَتَتْنَا بِخَبَرِهِ وَ كَيْفَ سِيرَتُهُ فِي الَّذِينَ قَبْلَهُ،وَ مَا مِنْ أَرْضٍ مِنْ سِتَّةِ أَرَضِينَ إِلَى أَرْضِ [7] السَّابِعَةِ إِلاَّ وَ نَحْنُ نُؤْتَى بِخَبَرِهَا».
[1] في المصدر:الحميم.
[2] في نسخة من«ط،ج،ي»:حميم.
[3] في المصدر:قتلنا.
[4] في نسخة من«ط،ج،ي»:و قال:هم ثلاثة،و في المصدر:قال لهم:هم ثلاثة.
[5] في«ط،ج،ي»:و ثمود.
[6] في المصدر:موتانا.
[7] (أرض)ليس في المصدر.