فَقُلْتُ لَهُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ أَيْنَ يَنْتَهِي هَذَا الْجَبَلُ؟قَالَ:«إِلَى الْأَرْضِ السَّادِسَةِ [1]،وَ فِيهَا جَهَنَّمُ عَلَى وَادٍ مِنْ أَوْدِيَتِهَا،عَلَيْهِ حَفَظَةٌ أَكْثَرُ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ وَ قَطْرِ الْمَطَرِ،وَ عَدَدُ مَا فِي الْبِحَارِ،وَ عَدَدُ الثَّرَى،وَ قَدْ وُكِّلَ كُلُّ مَلَكٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ،وَ هُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ لاَ يُفَارِقُهُ».
قُلْتُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،إِلَيْكُمْ جَمِيعاً يُلْقُونَ الْأَخْبَارَ؟قَالَ:«لاَ،إِنَّمَا يُلْقَى ذَلِكَ إِلَى صَاحِبِ الْأَمْرِ،وَ إِنَّا لِنَحْمِلُ مَا لاَ يَقْدِرُ الْعِبَادُ عَلَى حَمْلِهِ،وَ لاَ عَلَى الْحُكُومَةِ فِيهِ [2]،فَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ حُكُومَتَنَا أَجْبَرَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى قَوْلِنَا،وَ أَمَرَتْ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ نَاحِيَتَهُ أَنْ يُقَسِّرُوهُ عَلَى قَوْلِنَا،فَإِنْ كَانَ مِنَ الْجِنِّ أَهْلُ الْخِلاَفِ وَ الْكُفْرِ أَوْثَقَتْهُ وَ عَذَّبَتْهُ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى مَا حَكَمْنَا بِهِ».
قُلْتُ لَهُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،فَهَلْ يَرَى الْإِمَامُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ؟قَالَ:«يَا ابْنَ بَكْرٍ،فَكَيْفَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَا بَيْنَ قُطْرَيْهَا،وَ هُوَ لاَ يَرَاهُمْ وَ لاَ يَحْكُمُ فِيهِمْ!وَ كَيْفَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى قَوْمٍ غُيَّبٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِمْ وَ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ! وَ كَيْفَ يَكُونُ مُؤَدِّياً عَنِ اللَّهِ وَ شَاهِداً عَلَى الْخَلْقِ وَ هُوَ لاَ يَرَاهُمْ؟!وَ كَيْفَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ وَ هُوَ مَحْجُوبٌ عَنْهُمْ، وَ قَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَهُ أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِ اللَّهِ فِيهِمْ!وَ اللَّهُ يَقُولُ: وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ كَافَّةً لِلنّٰاسِ [3]يَعْنِي بِهِ مَنْ عَلَى الْأَرْضِ،وَ الْحُجَّةَ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)يَقُومُ مَقَامَ النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى مَا تَشَاجَرَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ، وَ الْآخِذُ بِحُقُوقِ النَّاسِ،وَ الْقَائِمُ [4] بِأَمْرِ اللَّهِ،وَ الْمُنْصِفُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ،فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَنْ يُنْفِذُ قَوْلَهُ تَعَالَى، وَ هُوَ يَقُولُ: سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ [5]،فَأَيُّ آيَةٍ فِي الْآفَاقِ غَيْرُنَا أَرَاهَا اللَّهُ أَهْلَ الْآفَاقِ؟وَ قَالَ تَعَالَى: وَ مٰا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاّٰ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهٰا فَأَيُّ آيَةٍ أَكْبَرُ مِنَّا».
قوله تعالى:
وَ قٰالُوا يٰا أَيُّهَا السّٰاحِرُ -إلى قوله تعالى- إِنَّهُمْ كٰانُوا قَوْماً فٰاسِقِينَ [49-54] /9646 _1-قال عليّ بن إبراهيم:ثم حكى قول فرعون و أصحابه[لموسى(عليه السلام)]،فقال: وَ قٰالُوا يٰا أَيُّهَا السّٰاحِرُ أي يا أيها العالم اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ بِمٰا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنٰا لَمُهْتَدُونَ ثم قال فرعون: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ يعني موسى وَ لاٰ يَكٰادُ يُبِينُ ،قال:لم يبن الكلام،ثمّ قال: فَلَوْ لاٰ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ أي
[1] في المصدر:السابعة.
[2] في المصدر:العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه.
[3] سبأ 34:28.
[4] في المصدر:و القيام.
[5] فصّلت 41:53.