responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : البحراني، السيد هاشم    جلد : 4  صفحه : 858

فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ،يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ كِتَابُ اللَّهِ،وَ يُذَكِّرُهُمْ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ،فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ:لَقَدْ اسْتُفْحِلَ أَمْرُ مُحَمَّدٍ،وَ عَظُمَ خَطْبُهُ،تَعَالَوْا نَبْدَأْ بِتَقْرِيعِهِ وَ تَبْكِيتِهِ [1] وَ الاِحْتِجَاجِ عَلَيْهِ،وَ إِبْطَالِ مَا جَاءَ بِهِ،لِيَهُونَ خَطْبُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ،وَ يَصْغُرَ قَدْرُهُ عِنْدَهُمْ،فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْزِعَ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ غَيِّهِ وَ بَاطِلِهِ وَ تَمَرُّدِهِ وَ طُغْيَانِهِ،فَإِنِ انْتَهَى وَ إِلاَّ عَامَلْنَاهُ بِالسَّيْفِ الْبَاتِرِ.

قَالَ أَبُو جَهْلٍ:فَمَنْ ذَا الَّذِي يَلِي كَلاَمَهُ وَ مُحَاوَرَتَهُ؟فَقَالَ [2] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ:أَنَا لِذَلِكَ،أَ فَمَا تَرْضَانِي قَرْناً حَسِيباً،وَ مُجَادِلاً كَفِيّاً؟قَالَ أَبُو جَهْلٍ:بَلَى.فَأَتَوْهُ بِأَجْمَعِهِمْ،فَابْتَدَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ،فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ -وَ ذَكَرَ مَا طَلَبَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ مَا أَجَابَهُ بِهِ-فَقَالَ:وَ أَمَّا قَوْلُكَ: لَوْ لاٰ نُزِّلَ هٰذَا الْقُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ،الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بِمَكَّةَ،أَوْ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ بِالطَّائِفِ،فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ يَسْتَعْظِمُ مَالَ الدُّنْيَا كَمَا تَسْتَعْظِمُهُ أَنْتَ،وَ لاَ خَطَرَ لَهُ عِنْدَهُ كَمَا كَانَ لَهُ عِنْدَكَ،بَلْ لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا عِنْدَهُ تَعْدِلُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ لَمَا سَقَى كَافِراً بِهِ،مُخَالِفاً لَهُ،شَرْبَةَ مَاءٍ،وَ لَيْسَ قِسْمَةُ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَيْكَ،بَلِ اللَّهُ الْقَاسِمُ لِلرَّحْمَةِ [3]،وَ الْفَاعِلُ لِمَا يَشَاءُ فِي عَبِيدِهِ وَ إِمَائِهِ،وَ لَيْسَ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّنْ يَخَافُ أَحَداً كَمَا تَخَافُهُ لِمَالِهِ أَوْ لِحَالِهِ فَتَعْرِفُهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ،وَ لاَ مِمَّنْ يَطْمَعْ فِي أَحَدٍ فِي مَالِهِ وَ حَالِهِ كَمَا تَطْمَعُ فَتَخُصُّهُ بِالنُّبُوَّةِ لِذَلِكَ،وَ لاَ مِمَّنْ يُحِبُّ أَحَداً مَحَبَّةَ الْهَوَى كَمَا تُحِبُّ فَتُقَدِّمُ مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ،وَ إِنَّمَا مُعَامَلَتُهُ بِالْعَدْلِ،فَلاَ يُؤْثِرُ بِأَفْضَلِ مَرَاتِبِ الدِّينِ وَ خِلاَلِهِ [4]،إِلاَّ الْأَفْضَلَ فِي طَاعَتِهِ،وَ الْآخَذَ فِي خِدْمَتِهِ،وَ كَذَلِكَ لاَ يُؤَخِّرُ فِي مَرَاتِبِ الدِّينِ وَ خِلاَلِهِ [5]،إِلاَّ أَشَدَّهُمْ تَبَاطُؤاً عَنْ طَاعَتِهِ،وَ إِذَا كَانَ هَذَا صِفَتَهُ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى مَالٍ وَ لاَ إِلَى حَالٍ،بَلْ هَذَا الْمَالُ وَ الْحَالُ مِنْ فَضْلِهِ،وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ عَلَيْهِ ضَرْبَةُ لاَزِبٍ.

فَلاَ يُقَالُ لَهُ:إِذَا تَفَضَّلْتَ بِالْمَالِ عَلَى عَبْدٍ،فَلاَ بُدَّ أَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ أَيْضاً،لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ إِكْرَاهُهُ عَلَى خِلاَفِ مُرَادِهِ،وَ لاَ إِلْزَامُهُ تَفَضُّلاً،لِأَنَّهُ تَفَضَّلَ قِبَلَهُ بِنِعْمَةٍ،أَ لاَ تَرَى-يَا عَبْدَ اللَّهِ-كَيْفَ أَغْنَى وَاحِداً وَ قَبَّحَ صُورَتَهُ؟ وَ كَيْفَ حَسَّنَ صُورَةَ وَاحِدٍ وَ أَفْقَرَهُ؟وَ كَيْفَ شَرَّفَ وَاحِداً وَ أَفْقَرَهُ؟وَ كَيْفَ أَغْنَى وَاحِداً وَ وَضَعَهُ؟ثُمَّ لَيْسَ لِهَذَا الْغَنِيِّ أَنْ يَقُولَ:هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى يَسَارِي جَمَالُ فُلاَنٍ؟وَ لاَ لِلْجَمِيلُ أَنْ يَقُولَ:هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى جَمَالِي مَالُ فُلاَنٍ؟وَ لاَ لِلشَّرِيفِ أَنْ يَقُولَ:هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى شَرَفِي مَالُ فُلاَنٍ؟وَ لاَ لِلْوَضِيعِ أَنْ يَقُولَ:هَلاَّ أُضِيفَ إِلَى ضَعَتِي شَرَفُ فُلاَنٍ؟وَ لَكِنَّ الْحُكْمَ لِلَّهِ يَقْسِمُ كَيْفَ يَشَاءُ،وَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ،وَ هُوَ حَكِيمٌ فِي أَفْعَالِهِ،مَحْمُودٌ فِي أَعْمَالِهِ،وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَ قٰالُوا لَوْ لاٰ نُزِّلَ هٰذَا الْقُرْآنُ عَلىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ نَحْنُ قَسَمْنٰا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا فَأَحْوَجْنَا بَعْضاً إِلَى بَعْضٍ،أَحْوَجْنَا هَذَا إِلَى مَالِ ذَاكَ،وَ أَحْوَجْنَا ذَاكَ إِلَى سِلْعَةِ هَذَا وَ إِلَى خِدْمَتِهِ،فَتَرَى أَجَلَّ الْمُلُوكِ وَ أَغْنَى الْأَغْنِيَاءِ،مُحْتَاجاً إِلَى أَفْقَرِ الْفُقَرَاءِ فِي ضَرْبٍ مِنَ الضُّرُوبِ،إِمَّا سِلْعَةً مَعَهُ لَيْسَتْ مَعَهُ،وَ إِمَّا


[1] في المصدر زيادة:و توبيخه.

[2] في المصدر:و مجادلته.قال.

[3] في المصدر:اللّه هو القاسم للرحمات.

[4] [5] في«ج»و المصدر:جلاله.

نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : البحراني، السيد هاشم    جلد : 4  صفحه : 858
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست