ثَبِيرٍ [1] فَوَضَعَهُ تَحْتَهُ.
وَ خَرَجَ الشَّيْخُ الْخَبِيثُ حَتَّى لَحِقَ بِالْعَجُوزِ حِينَ نَظَرَتْ إِلَى الْبَيْتِ،وَ الْبَيْتُ فِي وَسَطِ الْوَادِي،فَقَالَ:مَا شَيْخٌ رَأَيْتُهُ بِمِنًى؟فَنَعَتَ نَعْتَ إِبْرَاهِيمَ،قَالَتْ:ذَاكَ بَعْلِي.قَالَ:فَمَا وَصِيفٌ رَأَيْتُهُ مَعَهُ؟وَ نَعَتْ نَعْتَهُ.قَالَتْ:ذَلِكَ ابْنِي.قَالَ:
فَإِنِّي رَأَيْتُهُ أَضْجَعَهُ،وَ أَخَذَ الْمُدْيَةَ لِيَذْبَحَهُ.قَالَتْ:كَلاَّ،مَا رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ أَرْحَمَ النَّاسِ،وَ كَيْفَ رَأَيْتَهُ يَذْبَحَ ابْنَهُ؟ قَالَ:فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ،وَ رَبِّ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ،لَقَدْ رَأَيْتُهُ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْيَةَ لِيَذْبَحَهُ.قَالَتْ:لِمَ؟قَالَ:زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ.قَالَتْ:فَحَقٌّ لَهُ أَنْ يُطِيعَ رَبَّهُ.
قَالَ:فَلَمَّا قَضَتْ مَنَاسِكَهَا فَرَقَّتْ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَلَ فِي ابْنِهَا شَيْءٌ!فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا مُسْرِعَةً فِي الْوَادِي، وَاضِعَةً يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا،وَ هِيَ تَقُولُ:رَبِّ،لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا عَمِلْتُ بِأُمِّ إِسْمَاعِيلَ قَالَ:فَلَمَّا جَاءَتْ سَارَةُ فَأَخْبَرَتْ الْخَبَرَ،قَامَتْ إِلَى ابْنِهَا تَنْظُرُ،فَإِذَا أَثَّرَ السِّكِّينُ خُدُوشاً فِي حَلْقِهِ،فَفَزِعَتْ،وَ اشْتَكَتْ،وَ كَانَ بَدْءَ مَرَضِهَا الَّذِي هَلَكَتْ فِيهِ».
وَ ذَكَرَ أَبَانٌ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ،عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:«أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَتْ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى،فَلَمْ يَزَلْ مَضْرَبَهُمْ يَتَوَارَثُونَهُ كَابِرٌ عَنْ كَابِرٍ،حَتَّى كَانَ آخِرَ مَنِ ارْتَحَلَ مِنْهُ عَلِيُّ ابْنُ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)فِي شَيْءٍ كَانَ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَ بَنِي أُمَيَّةَ،فَارْتَحَلَ،فَضَرَبَ بِالْعَرِينِ [2]».
/9010 _2-و
عَنْهُ:عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ،وَ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ،عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ رَزِينٍ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ،قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):أَيْنَ أَرَادَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)أَنْ يَذْبَحَ ابْنَهُ؟قَالَ:«عَلَى الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى».
وَ سَأَلْتُهُ عَنْ كَبْشِ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):مَا كَانَ لَوْنُهُ،وَ أَيْنَ نَزَلَ؟فَقَالَ:«كَانَ أَمْلَحَ [3]،وَ كَانَ أَقْرَنَ،وَ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الْجَبَلِ الْأَيْمَنِ مِنْ مَسْجِدِ مِنًى،وَ كَانَ يَمْشِي فِي سَوَادٍ،وَ يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ،وَ يَنْظُرُ،وَ يَبْعَرُ،وَ يَبُولُ فِي سَوَادٍ».
99-/9011 _3- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ،عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «أَنَّ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ،فَقَالَ:يَا إِبْرَاهِيمُ،ارْتَوِ مِنَ الْمَاءِ لَكَ وَ لِأَهْلِكَ.وَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَكَّةَ وَ عَرَفَاتٍ مَاءٌ،فَسُمِّيَتِ التَّرْوِيَةُ بِذَلِكَ،فَذَهَبَ بِهِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى مِنًى، فَصَلَّى الظُّهْرَ،وَ الْعَصْرَ،وَ الْعِشَاءَيْنِ،وَ الْفَجْرَ،حَتَّى إِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ إِلَى عَرَفَاتٍ،فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ،وَ هِيَ بَطْنُ عَرَفَةَ،فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ خَرَجَ وَ اغْتَسَلَ،فَصَلَّى الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَيْنِ،وَ صَلَّى فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِعَرَفَاتٍ،وَ قَدْ كَانَتْ ثَمَّةَ أَحْجَارٌ بِيضٌ فَأُدْخِلَتْ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ.
[1] ثبير:هو أعلى جبال مكّة و أعظمها.«كتاب الروض المعطار:149».
[2] عرين مكّة:فناؤها،و العرين في الأصل:مأوى الأسد،شبهت به لعزّها و منعتها.«النهاية 3:223».
[3] الملحة من الألوان:بياض يخالطه سواد.«الصحاح-ملح-1:407».