اللَّهُ،ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى صُلْبِ شَيْثٍ،فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْمَاءُ يَنْتَقِلُ مِنْ ظَهْرٍ إِلَى ظَهْرٍ،حَتَّى صَارَ فِي صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،ثُمَّ شَقَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نِصْفَيْنِ:فَصَارَ نِصْفٌ فِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ،وَ نِصْفٌ فِي أَبِي طَالِبٍ،فَأَنَا مِنْ نِصْفِ الْمَاءِ،وَ عَلِيٌّ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ،فَعَلِيٌّ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ».ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمٰاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كٰانَ رَبُّكَ قَدِيراً .
/7807 _7-و
عَنْهُ،قَالَ:أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ،عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَلَوِيُّ النَّصِيبِيُّ بِبَغْدَادَ،قَالَ:حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،قَالَ:حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ،قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)عَنْ سِنِّ جَدِّنَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،فَقَالَ:«أَخْبَرَنِي أَبِي،عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ عَمِّي الْحَسَنِ وَ أَبِيَ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)فِي بَعْضِ طُرُقَاتِ الْمَدِينَةِ،فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَمِّيَ الْحَسَنُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ أَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ قَدْ نَاهَزْتُ الْحُلُمَ،أَوْ كِدْتُ،فَلَقِيَهُمَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،وَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّانِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَ الْأَنْصَارِ،فَمَا تَمَالَكَ جَابِرٌ حَتَّى أَكَبَّ عَلَى أَيْدِيهِمَا وَ أَرْجُلِهِمَا يُقَبِّلُهُمَا،فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَ نَسِيباً لِمَرْوَانَ:
أَ تَصْنَعُ هَذَا-يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ-وَ أَنْتَ فِي سِنِّكَ هَذَا وَ مَوْضِعِكِ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)؟وَ كَانَ جَابِرٌ قَدْ شَهِدَ بَدْراً.فَقَالَ لَهُ:إِلَيْكَ عَنِّي،فَلَوْ عَلِمْتَ-يَا أَخَا قُرَيْشٍ-مِنْ فَضْلِهِمَا وَ مَكَانِهِمَا مَا أَعْلَمُ لَقَبَّلْتَ مَا تَحْتَ أَقْدَامِهِمَا مِنَ التُّرَابِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ جَابِرٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،فَقَالَ:يَا أَبَا حَمْزَةَ،أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِيهِمَا بِأَمْرٍ مَا ظَنَنْتُهُ أَنْ يَكُونَ فِي بَشَرٍ.قَالَ لَهُ أَنَسٌ:وَ مَا الَّذِي،أَخْبَرَكَ،يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ،فَانْطَلَقَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،وَ وَقَفْتُ أَنَا أَسْمَعُ مُحَاوَرَةَ الْقَوْمِ،فَأَنْشَأَ جَابِرٌ يُحَدِّثُ،قَالَ:بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)ذَاتَ يَوْمٍ فِي الْمَسْجِدِ،وَ قَدْ خَفَّ [1] مَنْ حَوْلَهُ،إِذْ قَالَ لِي:يَا جَابِرُ،ادْعُ لِي حَسَناً وَ حُسَيْناً؛وَ كَانَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)شَدِيدَ الْكُلَفِ [2] بِهِمَا،فَانْطَلَقْتُ،فَدَعَوْتُهُمَا،وَ أَقْبَلْتُ أَحْمِلُ مَرَّةً هَذَا،وَ هَذَا مَرَّةً،حَتَّى جِئْتُهُ بِهِمَا،فَقَالَ لِي وَ أَنَا أَعْرِفُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ لِمَا رَأَى مِنْ مَحَبَّتِي لَهُمَا،وَ تَكْرِيمِي إِيَّاهُمَا،قَالَ:
أَ تُحِبُّهُمَا،يَا جَابِرُ؟قُلْتُ:وَ مَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ-فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي-وَ أَنَا أَعْرِفُ مَكَانَهُمَا مِنْكَ!قَالَ:أَ فَلاَ أُخْبِرُكَ عَنْ فَضْلِهِمَا؟قُلْتُ:بَلَى،بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي.قَالَ:إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَحَبَّ أَنْ يَخْلُقَنِي،خَلَقَنِي نُطْفَةً بَيْضَاءَ طَيِّبَةً،فَأَوْدَعَهَا صُلْبَ أَبِي آدَمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَلَمْ يَزَلْ يَنْقُلُهَا مِنْ صُلْبٍ طَاهِرٍ إِلَى رَحِمٍ طَاهِرٍ،إِلَى نُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،فَلَمْ يُصِبْنِي مِنْ دَنَسِ الْجَاهِلِيَّةِ شَيْءٌ،ثُمَّ افْتَرَقَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ شَطْرَيْنِ:إِلَى عَبْدِ اللَّهِ،وَ أَبِي طَالِبٍ، فَوَلَدَنِي أَبِي،فَخَتَمَ اللَّهُ بِيَ النُّبُوَّةَ،وَ وُلِدَ عَلِيٌّ فَخُتِمَتْ بِهِ الْوَصِيَّةٌ،ثُمَّ اجْتَمَعَتِ النُّطْفَتَانِ مِنِّي وَ مِنْ عَلِيٍّ،فَوَلَدْنَا الْجَهْرَ وَ الْجُهَيْرَ،الْحَسَنَيْنِ،فَخَتَمَ اللَّهُ بِهِمَا أَسْبَاطَ النُّبُوَّةِ،وَ جَعَلَ ذُرِّيَّتِي مِنْهُمَا،وَ أَمَرَنِي بِفَتْحِ مَدِينَةٍ-أَوْ قَالَ:مَدَائِنِ-
[1] خفّ القوم:أي قلّوا،و خفّت زحمتهم.«الصحاح-خفف-4:1353».
[2] كلفت بهذا الأمر:إذ ولعت به و أحببته.«النهاية 4:196».