فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ،فَإِنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: كٰانَتٰا رَتْقاً يَقُولُ كَانَتِ السَّمَاءُ رَتْقاً لاَ تُنْزِلُ الْمَطَرَ،وَ كَانَتِ الْأَرْضُ رَتْقاً لاَ تُنْبِتُ الْحَبَّ،فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْخَلْقَ،وَ بَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ،فَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ،وَ الْأَرْضَ بِنَبَاتِ الْحَبِّ».
فَقَالَ الشَّامِيُّ:أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ وُلْدِ الْأَنْبِيَاءِ،وَ أَنَّ عِلْمَكَ عِلْمُهُمْ».
99-/7134 _2- وَ عَنْهُ:عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ،عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ،عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ثَابِتِ بْنِ دِينَارٍ الثُّمَالِيِّ،وَ أَبِي مَنْصُورٍ،عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ،قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ،وَ كَانَ مَعَهُ نَافِعٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ،فَنَظَرَ نَافِعٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي رُكْنِ الْبَيْتِ، وَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ نَافِعٌ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ تَدَاكَّ عَلَيْهِ النَّاسُ؟فَقَالَ:هَذَا نَبِيُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ،هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ.فَقَالَ:أَشْهَدُ لَآتِيَنَّهُ فَلَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ مَسَائِلَ لاَ يُجِيبُنِي فِيهَا إِلاَّ نَبِيٌّ،أَوِ ابْنُ نَبِيٍّ،أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ.
قَالَ:فَاذْهَبْ إِلَيْهِ وَ سَلْهُ لَعَلَّكَ تُخْجِلُهُ.فَجَاءَ نَافِعٌ حَتَّى اتَّكَأَ عَلَى النَّاسِ،ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فَقَالَ:يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ،إِنِّي قَرَأْتُ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ،وَ قَدْ عَرَفْتُ حَلاَلَهَا وَ حَرَامَهَا،وَ قَدْ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسَائِلَ لاَ يُجِيبُ فِيهَا إِلاَّ نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ أَوِ ابْنُ نَبِيٍّ.قَالَ فَرَفَعَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)رَأْسَهُ.فَقَالَ:«سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ».وَ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ،وَ أَجَابَهُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عَنْهَا،فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لَهُ:أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ:
أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا ؟ فَقَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَهْبَطَ آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ وَ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ رَتْقاً لاَ تَمْطُرُ شَيْئاً،وَ كَانَتِ الْأَرْضُ رَتْقاً لاَ تُنْبِتُ شَيْئاً،فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى آدَمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):أَمَرَ السَّمَاءَ فَتَقَطَّرَتْ بِالْغَمَامِ،ثُمَّ أَمَرَهَا فَأَرْخَتْ عَزَالِيَهَا [1]،ثُمَّ أَمَرَ الْأَرْضَ فَأَنْبَتَتِ الْأَشْجَارَ،وَ أَثْمَرَتِ الثِّمَارَ،وَ تَفَهَّقَتْ [2] بِالْأَنْهَارِ،فَكَانَ ذَلِكَ رَتْقَهَا وَ هَذَا فَتْقَهَا».فَقَالَ نَافِعٌ:صَدَقْتَ،يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.
و قد ذكرت الحديث بتمامه في سورة الأعراف،في قوله تعالى: وَ نٰادىٰ أَصْحٰابُ النّٰارِ أَصْحٰابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنٰا مِنَ الْمٰاءِ [3].
99-/7135 _3- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ،عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ،عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ: خَرَجَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَاجّاً وَ مَعَهُ الْأَبْرَشُ الْكَلْبِيُّ،فَلَقِيَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ،فَقَالَ هِشَامٌ لِلْأَبْرَشِ:تَعْرِفُ هَذَا؟قَالَ:لاَ.قَالَ:هَذَا الَّذِي تَزْعُمُ الشِّيعَةُ أَنَّهُ نَبِيٌّ
[1] العزالي:جمع العزلاء،و هو مصبّ الماء من القربة و نحوها.و أرخت السماء عزاليها،انهمرت بالمطر.«المعجم الوسيط-عزل-3:599».
[2] الفهق:الامتلاء«الصحاح-فهق-4:1545».
[3] تقدّم في الحديث(31)من تفسير الآية(46-50)من سورة الأعراف.