وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلاٰ يُؤْمِنُونَ [30]
99-/7133 _1- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ:عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ،عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ،قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ،فَقَالَ:يَا أَبَا جَعْفَرٍ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَدْ أَعْيَتْ عَلَيَّ أَنْ أَجِدَ أَحَداً يُفَسِّرُهَا،وَ قَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا ثَلاَثَةَ أَصْنَافٍ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهُمْ شَيْئاً غَيْرَ الَّذِي قَالَ الصِّنْفُ الْآخَرُ،فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«مَا ذَاكَ؟».
قَالَ:إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ،فَإِنَّ بَعْضَ مَنْ سَأَلْتُهُ قَالَ:اَلْقَدَرُ؛وَ قَالَ:بَعْضُهُمْ:اَلْقَلَمُ؛وَ قَالَ بَعْضُهُمُ الرُّوحُ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«مَا قَالُوا شَيْئاً،أُخْبِرُكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى كَانَ وَ لاَ شَيْءَ غَيْرُهُ،وَ كَانَ عَزِيزاً وَ لاَ أَحَدَ كَانَ قَبْلَ عِزِّهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ [1]وَ كَانَ الْخَالِقُ قَبْلَ الْمَخْلُوقِ،وَ لَوْ كَانَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ إِذَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَبَداً،وَ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ إِذَنْ وَ مَعَهُ شَيْءٌ لَيْسَ هُوَ يَتَقَدَّمُهُ،وَ لَكِنَّهُ كَانَ إِذْ لاَ شَيْءَ غَيْرُهُ،وَ خَلَقَ الشَّيْءَ الَّذِي جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ.وَ هُوَ(الْمَاءُ)الَّذِي خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْهُ،فَجَعَلَ نَسَبَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الْمَاءِ،وَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمَاءِ نَسَباً يُضَافُ إِلَيْهِ.
وَ خَلَقَ الرِّيحَ مِنَ الْمَاءِ،ثُمَّ سَلَّطَ الرِّيحَ عَلَى الْمَاءِ،فَشَقَّقَتِ الرِّيحُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ زَبَدٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَثُورَ،فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الزَّبَدِ أَرْضاً بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ وَ لاَ نَقْبٌ وَ لاَ صُعُودٌ وَ لاَ هُبُوطٌ،وَ لاَ شَجَرَةٌ، ثُمَّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْمَاءِ،ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ مِنَ الْمَاءِ،فَشَقَّقَتِ النَّارُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ دُخَانٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَثُورَ،فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ سَمَاءً صَافِيَةً نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ وَ لاَ نَقْبٌ،وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: اَلسَّمٰاءُ بَنٰاهٰا * رَفَعَ سَمْكَهٰا فَسَوّٰاهٰا* وَ أَغْطَشَ لَيْلَهٰا وَ أَخْرَجَ ضُحٰاهٰا [2].قَالَ:وَ لاَ شَمْسٌ،وَ لاَ قَمَرٌ،وَ لاَ نُجُومٌ،وَ لاَ سَحَابٌ،ثُمَّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ،ثُمَّ نَسَبَ [3] الْخِلْقَتَيْنِ فَرَفَعَ السَّمَاءَ قَبْلَ الْأَرْضِ،فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذٰلِكَ دَحٰاهٰا [4]يَقُولُ:بَسَطَهَا».
فَقَالَ لَهُ الشَّامِيُّ:يَا أَبَا جَعْفَرٍ،قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ كٰانَتٰا رَتْقاً فَفَتَقْنٰاهُمٰا ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«فَلَعَلَّكَ تَزْعُمُ أَنَّهُمَا كَانَتَا رَتْقاً مُتَلاَزِقَتَيْنِ مُتَلاَصِقَتَيْنِ فَفُتِقَتْ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى؟».فَقَالَ:نَعَمْ.
[1] الصافّات 37:180.
[2] النازعات 79:28-29.
[3] في نسخة من«ط»زيادة:إلى.
[4] النازعات 79:30.