قَالَ:«فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ مُتَوَفِّيهِ فِيهِ،تَهَيَّأَ آدَمُ لِلْمَوْتِ وَ أَذْعَنَ بِهِ-قَالَ:-وَ هَبَطَ عَلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ،فَقَالَ آدَمُ:دَعْنِي يَا مَلَكَ الْمَوْتِ حَتَّى أَتَشَهَّدَ وَ أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي بِمَا صَنَعَ عِنْدِي،مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْبِضَ رُوحِي.
فَقَالَ آدَمُ:أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ،وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَ أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَ خَلِيفَتُهُ فِي أَرْضِهِ،ابْتَدَأَنِي بِإِحْسَانِهِ وَ خَلَقَنِي بِيَدِهِ،وَ لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً بِيَدِهِ سِوَايَ،وَ نَفَخَ فِيَّ مِنْ رُوحِهِ،ثُمَّ أَجْمَلَ صُورَتِي،وَ لَمْ يَخْلُقْ عَلَى خَلْقِي أَحَداً قَبْلِي،ثُمَّ أَسْجَدَ لِي مَلاَئِكَتَهُ وَ عَلَّمَنِي الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا،وَ لَمْ يُعَلِّمْهَا مَلاَئِكَتَهُ،ثُمَّ أَسْكَنَنِي جَنَّتَهُ،وَ لَمْ [1] يَجْعَلْهَا دَارَ قَرَارٍ، وَ لاَ مَنْزِلَ اسْتِيطَانٍ،وَ إِنَّمَا خَلَقَنِي لِيُسْكِنَنِي الْأَرْضَ لِلَّذِي أَرَادَ مِنَ التَّقْدِيرِ وَ التَّدْبِيرِ،وَ قَدَّرَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَنِي،فَمَضَيْتُ فِي قَدَرِهِ وَ قَضَائِهِ وَ نَافِذِ أَمْرِهِ.ثُمَّ نَهَانِي أَنْ آكُلَ مِنَ الشَّجَرَةِ،فَعَصَيْتُهُ وَ أَكَلْتُ مِنْهَا،فَأَقَالَنِي عَثْرَتِي، وَ صَفَحَ لِي عَنْ جُرْمِي،فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ عِنْدِي،حَمْداً يَكْمُلُ بِهِ رِضَاهُ عَنِّي-قَالَ-فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)».
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«إِنَّ جَبْرَئِيلَ نَزَلَ بِكَفَنِ آدَمَ وَ بِحَنُوطِهِ،وَ الْمِسْحَاةُ مَعَهُ-قَالَ-وَ نَزَلَ مَعَ جَبْرَئِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لِيَحْضُرُوا جِنَازَةَ آدَمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)-قَالَ:-فَغَسَّلَهُ هِبَةُ اللَّهِ،وَ جَبْرَئِيلُ كَفَّنَهُ وَ حَنَّطَهُ،ثُمَّ قَالَ:يَا هِبَةَ اللَّهِ، تَقَدَّمْ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ،وَ كَبِّرْ عَلَيْهِ خَمْساً وَ عِشْرِينَ تَكْبِيرَةً.فَوُضِعَ سَرِيرُ آدَمَ،ثُمَّ قُدِّمَ هِبَةُ اللَّهِ،وَ قَامَ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ،وَ الْمَلاَئِكَةُ خَلْفَهُمَا،فَصَلَّى عَلَيْهِ،وَ كَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْساً وَ عِشْرِينَ تَكْبِيرَةً،وَ انْصَرَفَ [2] جَبْرَئِيلُ وَ الْمَلاَئِكَةُ فَحَفَرُوا لَهُ بِالْمِسْحَاةِ،ثُمَّ أَدْخَلُوهُ فِي حُفْرَتِهِ،ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ:يَا هِبَةَ اللَّهِ،هَكَذَا فَافْعَلُوا بِمَوْتَاكُمْ،وَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ،وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ».
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«فَقَامَ هِبَةُ اللَّهِ فِي وُلْدِ أَبِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ،وَ بِمَا أَوْصَاهُ أَبُوهُ،فَاعْتَزَلَ وُلْدُ الْمَلْعُونِ قَابِيلَ، فَلَمَّا حَضَرَتْ وَفَاةُ هِبَةِ اللَّهِ،أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ قَيْنَانَ،وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ التَّابُوتَ وَ مَا فِيهِ،وَ عِظَامَ آدَمَ،وَ وَصِيَّةَ آدَمَ،وَ قَالَ لَهُ:إِنْ أَنْتَ أَدْرَكْتَ نُبُوَّةَ نُوحٍ فَاتَّبِعْهُ،وَ احْمِلِ التَّابُوتَ مَعَكَ فِي فُلْكِهِ،وَ لاَ تَخَلَّفَنَّ عَنْهُ،فَإِنَّ فِي نُبُوَّتِهِ يَكُونُ الطُّوفَانُ وَ الْغَرَقُ،فَمَنْ رَكِبَ فِي فُلْكِهِ نَجَا،وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ غَرِقَ-قَالَ-فَقَامَ قَيْنَانُ بِوَصِيَّةِ هِبَةِ اللَّهِ فِي إِخْوَتِهِ وَ وُلْدِ أَبِيهِ، بِطَاعَةِ اللَّهِ-قَالَ-فَلَمَّا حَضَرَتْ قَيْنَانَ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ مَهْلاَئِيلَ،وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ التَّابُوتَ وَ مَا فِيهِ،وَ الْوَصِيَّةَ،فَقَامَ مَهْلاَئِيلُ بِوَصِيَّةِ قَيْنَانَ،وَ سَارَ بِسِيرَتِهِ.فَلَمَّا حَضَرَتْ مَهْلاَئِيلَ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ بُرْدٍ [3] فَسَلَّمَ إِلَيْهِ التَّابُوتَ، وَ جَمِيعَ مَا فِيهِ،وَ الْوَصِيَّةَ،فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ فِي نُبُوَّةِ نُوحٍ.فَلَمَّا حَضَرَتْ وَفَاةُ بُرْدٍ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ أُخْنُوخَ،وَ هُوَ:إِدْرِيسُ، فَسَلَّمَ إِلَيْهِ التَّابُوتَ،وَ جَمِيعَ مَا فِيهِ،وَ الْوَصِيَّةَ،فَقَامَ أُخْنُوخُ بِوَصِيَّةِ بُرْدٍ،فَلَمَّا قَرُبَ أَجَلُهُ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:أَنِّي رَافِعُكَ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَابِضُ رُوحِكَ فِي السَّمَاءِ،فَأَوْصِ إِلَى ابْنِكَ حِرْقَائِيلَ فَقَامَ حِرْقَائِيلَ [4] بِوَصِيَّةِ أُخْنُوخَ.فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ نُوحٍ،وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ التَّابُوتَ،وَ جَمِيعَ مَا فِيهِ،وَ الْوَصِيَّةَ».
[1] في المصدر زيادة:يكن.
[2] في«س»و«ط»:و أنصف.
[3] في المصدر:يرد،و كذا في سائر الموارد الأخرى.
[4] في المصدر:خرقا سيل،و كذا في الموضع السابق.