قَالَ:«فَلَمْ يَزَلِ التَّابُوتُ عِنْدَ نُوحٍ،حَتَّى حَمَلَهُ مَعَهُ فِي فُلْكِهِ،فَلَمَّا حَضَرَتْ نُوحَ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ سَامٍ، وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ التَّابُوتَ،وَ جَمِيعَ مَا فِيهِ،وَ الْوَصِيَّةَ».
قَالَ حَبِيبٌ السِّجِسْتَانِيُّ:ثُمَّ انْقَطَعَ حَدِيثُ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عِنْدَهَا.
99-/3033 _8- عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ،عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ: «لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ، فَوُلِدَ لَهُ هَابِيلُ وَ أُخْتُهُ تَوْأَمٌ،ثُمَّ وُلِدَ قَابِيلُ وَ أُخْتُهُ تَوْأَمٌ،ثُمَّ إِنَّ آدَمَ أَمَرَ هَابِيلَ وَ قَابِيلَ أَنْ يُقَرِّبَا قُرْبَاناً،وَ كَانَ هَابِيلُ صَاحِبَ غَنَمٍ،وَ كَانَ قَابِيلُ صَاحِبَ زَرْعٍ،فَقَرَّبَ هَابِيلُ كَبْشاً مِنْ أَفْضَلِ غَنَمِهِ،وَ قَرَّبَ قَابِيلُ مِنْ زَرْعِهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُنَقُّ، كَمَا أَدْخَلَ بَيْتَهُ،فَتُقُبِّلَ قُرْبَانُ هَابِيلَ وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ قُرْبَانُ قَابِيلَ،وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبٰا قُرْبٰاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمٰا وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ... الْآيَةَ،وَ كَانَ الْقُرْبَانُ تَأْكُلُهُ النَّارُ،فَعَمَدَ قَابِيلُ إِلَى النَّارِ فَبَنَى لَهَا بَيْتاً،وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى بُيُوتَ النَّارِ،فَقَالَ:لَأَعْبُدَنَّ هَذِهِ النَّارَ حَتَّى يَتَقَبَّلَ [1] قُرْبَانِي.ثُمَّ إِنَّ إِبْلِيسَ عَدُوَّ اللَّهِ أَتَاهُ-وَ هُوَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فِي الْعُرُوقِ-فَقَالَ لَهُ:يَا قَابِيلُ،قَدْ تُقُبِّلَ قُرْبَانُ هَابِيلَ،وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ قُرْبَانُكَ،وَ إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَهُ يَكُونُ لَهُ عَقِبٌ يَفْتَخِرُونَ عَلَى عَقِبِكَ،وَ يَقُولُونَ:نَحْنُ أَبْنَاءُ الَّذِي تُقُبِّلَ قُرْبَانُهُ،وَ أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الَّذِي تُرِكَ قُرْبَانُهُ.
فَاقْتُلْهُ لِكَيْ لاَ يَكُونَ لَهُ عَقِبٌ يَفْتَخِرُونَ عَلَى عَقِبِكَ،فَقَتَلَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ قَابِيلُ إِلَى آدَمَ قَالَ لَهُ:يَا قَابِيلُ،أَيْنَ هَابِيلُ؟فَقَالَ:اُطْلُبْهُ حَيْثُ قَرَّبْنَا الْقُرْبَانَ.فَانْطَلَقَ آدَمُ فَوَجَدَ هَابِيلَ قَتِيلاً،فَقَالَ آدَمُ:لُعِنْتِ مِنْ أَرْضٍ كَمَا قَبِلْتِ دَمَ هَابِيلَ.فَبَكَى آدَمُ عَلَى هَابِيلَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
ثُمَّ إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ وَلَداً،فَوُلِدَ لَهُ غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ هِبَةَ اللَّهِ،لِأَنَّ اللَّهَ وَهَبَهُ لَهُ وَ أُخْتُهُ تَوْأَمٌ،فَلَمَّا انْقَضَتْ نُبُوَّةُ آدَمَ وَ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ [2] أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:أَنْ يَا آدَمُ،قَدْ قُضِيَتْ نُبُوَّتُكَ،وَ اسْتَكْمَلَتْ أَيَّامُكَ،فَاجْعَلِ الْعِلْمَ الَّذِي عِنْدَكَ، وَ الْإِيمَانَ،وَ الاِسْمَ الْأَكْبَرَ،وَ مِيرَاثَ الْعِلْمِ،وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فِي الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ،عِنْدَ هِبَةِ اللَّهِ ابْنِكَ،فَإِنِّي لَمْ أَقْطَعِ الْعِلْمَ وَ الْإِيمَانَ وَ الاِسْمَ الْأَكْبَرَ [3] وَ آثَارَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ مِنَ الْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،وَ لَنْ أَدَعَ الْأَرْضَ إِلاَّ وَ فِيهَا عَالِمٌ يُعْرَفُ بِهِ دِينِي،وَ تُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي،وَ يَكُونُ نَجَاةً لِمَنْ يُولَدُ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ نُوحٍ.وَ بَشَّرَ آدَمَ بِنُوحٍ،وَ قَالَ:إِنَّ اللَّهَ بَاعِثٌ نَبِيّاً اسْمُهُ نُوحٌ،فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ،وَ يُكَذِّبُهُ قَوْمُهُ،فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ بِالطُّوفَانِ،وَ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَ بَيْنَ نُوحٍ عَشَرَةُ آبَاءٍ كُلُّهُمْ أَنْبِيَاءُ،وَ أَوْصَى آدَمُ إِلَى هِبَةِ اللَّهِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيُؤْمِنْ بِهِ،وَ لْيَتَّبِعْهُ وَ لْيُصَدِّقْ بِهِ،فَإِنَّهُ يَنْجُو مِنَ الْغَرَقِ.
ثُمَّ إِنَّ آدَمَ مَرِضَ الْمَرْضَةَ الَّتِي مَاتَ فِيهَا،فَأَرْسَلَ هِبَةَ اللَّهِ،فَقَالَ لَهُ:إِنْ لَقِيتَ جَبْرَئِيلَ،وَ مَنْ لَقِيتَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ،وَ قُلْ لَهُ:يَا جَبْرَئِيلُ،إِنَّ أَبِي يَسْتَهْدِيكَ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ.فَقَالَ جَبْرَئِيلُ:يَا هِبَةَ اللَّهِ،إِنَّ أَبَاكَ قَدْ قُبِضَ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)وَ مَا نَزَلْنَا إِلاَّ لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ،فَارْجِعْ.فَرَجَعَ،فَوَجَدَ آدَمَ قَدْ قُبِضَ،فَأَرَاهُ جَبْرَئِيلُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)كَيْفَ يُغَسِّلُهُ،فَغَسَّلَهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ،قَالَ هِبَةُ اللَّهِ:يَا جَبْرَئِيلُ،تَقَدَّمْ فَصَلِّ عَلَى آدَمَ.فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا
[1] في«ط»:يقبل.
[2] في المصدر:و استكملت.
[3] في المصدر:و الاسم الأعظم.