نام کتاب : الوافي نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 54
المنشعبة منه المقتبسة من نوره أو المنبجسة[1] من شعائه و يلحق به الجميع و يحشر معه في عروجه إلى العالم الأعلى و رجوعه
إلى اللَّه تعالى.
فإقباله عبارة عن توجهه إلى هذا العالم الجسماني
و إلقائه عليه من شعاع نوره و إظهاره الأعيان فيه و إفاضاته الشعور و الإدراك و العلم
و النطق على كل منها بقدر استعداده له و قبوله منه من غير أن يفارق معدنه و يخلي مرتبته
و مقامه في القرب بل يرشح بفضل وجوده الفائض من اللَّه عز و جل على وجود ما دونه.
و إدباره عبارة عن رجوعه إلى جناب الحق و عروجه إلى
عالم القدس باستكماله لذاته بالعبودية الذاتية شيئا فشيئا من أرض المادة إلى سماء العقل
حتى يصل إلى اللَّه تعالى و يستقر إلى مقام الأمن و الراحة و يبعث إلى المقام المحمود
الذي يغبطه به الأولون و الآخرون فإقباله في جميع المراتب إيجابي تكويني لا يحتمل العصيان
و أمري دفعي لا يدخل تحت الزمان و لا يتطرق إلى السابق عند وجود اللاحق بطلان و لا
نقصان و إدباره في الأواخر تكليفي تشريعي و كله خلقي تدريجي مقيد بالزمان يبطل السابق
عند حدوث اللاحق شخصا و جسما لا حقيقة و روحا و كل مرتبة منهما عين نظيرته من الآخر
حقيقة و غيره شخصا.
و مثل نور العقل في عالم الغيب مثل نور الشمس في
عالم الشهادة فكلما أن عين البصر تدرك بنور الشمس المحسوسات في هذا العالم و لولاه
لما أبصرت شيئا فكذلك عين البصيرة تدرك بنور العقل المعقولات في ذلك العالم و لولاه
لما أبصرت شيئا و كما أن من عمي بصره لا يبصر بنور الشمس شيئا فكذلك من عميت بصيرته
لا يبصر بنور العقل شيئا.
ثم إن هذه الأنوار الشعاعية المنبجسة من ضياء العقل
و النور المحمدي منها ما هو غريزي للإنسان به يهيأ لإدراك العلوم النظرية و تدبير الصناعات
الخفية فيخرجها من القوة إلى الفعل شيئا فشيئا و بها يفارق سائر الحيوانات و منها ما
هو مكتسب له به يميز بين النافع له في المال و الضار به فيه فيقدم على النافع و يجتنب
الضار و يختار الآجل
[1] . الانبجاس: النّبوع في
العين خاصّة أو عامّ- قاموس.
نام کتاب : الوافي نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 54