قلت: فمن أين أخذ الأعشى مذهبه؟ قال: من
قبل العباديّين نصارى الحيرة، كان يأتيهم يشتري منهم الخمر فلقّنوه ذلك.
هريرة
عشيقته:
أخبرني محمد بن
العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا أبو شراعة في مجلس الرّياشيّ قال حدّثنا مشايخ بني
قيس بن ثعلبة قالوا:
كانت هريرة
التي يشبّب بها الأعشى أمة سوداء لحسّان بن عمرو بن مرثد.
و أخبرني محمد
بن الحسن بن دريد قال حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن فراس بن الخندف قال:
كانت هريرة و
خليدة أختين قينتين كانتا لبشر بن عمرو بن مرثد، و كانتا تغنّيانه النّصب [1]، و
قدم بهما اليمامة لمّا هرب من النّعمان. قال ابن دريد فأخبرني عمّي عن ابن الكلبيّ
بمثل ذلك.
مدح المحلق
الكلابي و ذكر بناته فتزوّجن:
و أخبرني محمد
بن العبّاس اليزيديّ عن الرّياشيّ مما أجازه له عن العتبيّ عن رجل من قيس عيلان
قال:
كان/ الأعشى
يوافي سوق عكاظ في كلّ سنة، و كان المحلّق الكلابيّ مئناثا [2] مملقا. فقالت له
امرأته: يا أبا كلاب، ما يمنعك من التعرّض لهذا الشاعر!/ فما رأيت أحدا اقتطعه إلى
نفسه إلا و أكسبه خيرا. قال: ويحك! ما عندي إلا ناقتي و عليها الحمل!. قالت: اللّه
يخلفها عليك. قال: فهل له بدّ من الشّراب و المسوح [3]؟ قالت: إنّ عندي ذخيرة لي و
لعلّي أن أجمعها. قال: فتلقّاه قبل أن يسبق إليه أحد و ابنه يقوده فأخذ الخطام؛ فقال
الأعشى: من هذا الذي غلبنا على خطامنا؟ قال: المحلّق. قال: شريف كريم، ثم سلّمه
إليه فأناخه؛ فنحر له ناقته و كشط له عن سنامها و كبدها، ثم سقاه، و أحاطت بناته
به يغمزنه و يمسحنه. فقال: ما هذه الجواري حولي؟ قال: بنات أخيك و هنّ ثمان
شريدتهن قليلة. قال: و خرج من عنده و لم يقل فيه شيئا. فلما وافى سوق عكاظ إذا هو
بسرحة قد اجتمع الناس عليها و إذا الأعشى ينشدهم.
فسلّم عليه
المحلّق؛ فقال له: مرحبا يا سيّدي بسيّد قومه. و نادى: يا معاشر العرب، هل فيكم
مذكار [5] يزوّج ابنه إلى الشريف الكريم!. قال: فما قام من مقعده و فيهنّ مخطوبة
إلا و قد زوّجها. و في أول القصيدة عناء و هو:
[3] المسوح:
جمع مسح و هو كساء من شعر كثوب الرهبان.
[4] بأسحم
داج: قيل المراد به الليل، و قيل سواد حلمة الثدي، و قيل الرحم. و عوض: أبدا.
يقول: هو و الندى رضعا من ثدي واحد و تحالفا ألا يتفرّقا أبدا. (راجع «لسان العرب»
مادة عوض).