و قال ابن
الكلبيّ و الهيثم بن عديّ و عمر بن شبّة و ابن قتيبة:
فلمّا امتنعت
بكر بن وائل و تغلب من اتّباع بني أسد خرج من فوره ذلك إلى اليمن فاستنصر
أزدشنوءة، فأبوا أن ينصروه و قالوا: إخواننا و جيراننا.
و مرثد الخير
الحميري:
فنزل بقيل يدعى
مرثد الخير بن ذي جدن الحميريّ، و كانت بينهما قرابة، فاستنصره و استمدّه على بني
أسد، فأمدّه بخمسمائة رجل من حمير؛ و مات مرثد قبل رحيل امرئ القيس بهم.
و قرمل بن
الحميم:
و قام بالمملكة
بعده رجل من حمير يقال له قرمل بن الحميم و كانت أمّه سوداء، فردّد امرأ القيس و
طوّل عليه حتى همّ بالانصراف و قال:
و إذ نحن ندعو
مرثد الخير ربّنا
و إذ نحن لا ندعى
عبيدا لقرمل
فأنفذ له ذلك
الجيش؛ و تبعه شذّاذ من العرب، و استأجر من قبائل العرب رجالا، فسار بهم إلى بني
أسد.
و مرّ بتبالة
[1] و بها صنم للعرب تعظّمه يقال له/ ذو الخلصة [2]؛ فاستقسم [3] عنده بقداحة و هي
ثلاثة الآمر و الناهي و المتربّص، فأجالها فخرج الناهي، ثم أجالها فخرج الناهي،
فجمعها و كسرها و ضرب بها وجه الصنم و قال: مصصت بظر أمّك! لو أبوك قتل ما عقتني.
ثم خرج فظفر ببني أسد. و يقال: إنه ما استقسم عند ذي الخلصة بعد ذلك بقدح حتى جاء
أمر اللّه بالإسلام و هدمه جرير بن عبد اللّه البجليّ.
طلبه المنذر
فهرب و نزل بالحارث بن شهاب:
قالوا: و ألحّ
المنذر في طلب امرئ القيس و وجّه الجيوش في طلبه من إياد و بهراء و تنوخ و لم تكن
لهم طاقة، و أمدّه أنو شروان بجيش من الأساورة فسرّحهم في طلبه. و تفرّقت حمير و
من كان معه عنه. فنجا في عصبة من بني آكل المرار حتى نزل بالحارث بن شهاب من بني
يربوع بن حنظلة، و مع امرئ القيس أدراع خمسة: الفضفاضة و الضيافة و المحصّنة و
الخربق [4] و أمّ الذيول كنّ لبني آكل المرار يتوارثونها ملكا عن/ ملك. فقلّما
لبثوا عند الحارث بن شهاب حتى بعث إليه المنذر مائة من أصحابه يوعده بالحرب إن لم
يسلم إليه بني آكل المرار فأسلمهم؛ و نجا امرؤ القيس و معه يزيد بن معاوية بن
الحارث و بنته هند (بنت امرئ القيس) و الأدرع و السلاح و مال كان بقي معه، فخرج
على وجهه حتى وقع في أرض طيّىء.
ثم نزل على
سعد بن الضباب الإيادي:
و قيل: بل نزل
قبلهم [5] على سعد بن الضّباب الإياديّ سيّد قومه فأجاره.
[1]
تبالة: موضع بين مكة و اليمن على مسيرة سبع ليال من مكة.
[2] ذو
الخلصة: مروة بيضاء منقوش عليها كهيئة التاج، و كان سدنتها بني أمامة من باهلة بن
أعصر و كانت تعظمها و تهدي لها خثعم و بجيلة و أزد السراة و من قاربهم من بطون
العرب من هوازن. ( «الأصنام» لابن الكلبي ص 43).
[3]
الاستقسام بالأزلام: طلب معرفة ما فقسم للمرء مما لم يقسم.
[4] في أ، م:
«الخريق». و في «تجريد الأغاني»: «الحريق».