responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 9  صفحه : 193

لقد بخلت حتى لو انّي سألتها

قذى العين من ضاحي التراب لضنّت‌

كان عنده مخارق لإسحاق فجفاه و أصلحت بينهما فريدة:

فأعجب به و استحسنه، و أمر المغنّين فغنّوا فيه، و أمر بإشخاص إسحاق إليه من بغداد ليسمعه.

فكاده مخارق عنده و قال: يا أمير المؤمنين، إن إسحاق شيطان خبيث داهية، و إن قولك له فيما تصنعه: هذا صوت وقع إلينا، لا يخفى عليه به أنّ الصوت لك و من صنعتك و لا يوقع في فهمه أنه قديم، فيقول لك و بحضرتك ما يقارب هواك، فإذا خرج عن حضرتك قال لنا ضدّ ذلك. فأحفظ الواثق قوله و غاظه، و قال له: أريد على هذا القول منك دليلا. قال: أنا أقيم عليه الدليل إذا حضر. فلما قدم به و جلس في أوّل مجلس اندفع مخارق يغنّي لحن الواثق:

لقد بخلت حتّى لو انّي سألتها

فزاد فيه زوائد أفسدت قسمته فسادا شديدا و خفيت على الواثق لكثرة زوائد مخارق في غنائه. فسأله الواثق عنه؛ فقال: هذا غناء/ فاسد غير مرضيّ عندي. فغضب الواثق و أمر بإسحاق فسحب حتى أخرج من المجلس. فلما كان من الغد/ قالت فريدة للواثق: يا أمير المؤمنين، إن إسحاق رجل يأخذ نفسه بقول الحق في صناعته على كل حال ساءته أو سرّته، لا يخاف في ذلك ضررا و لا يرجو نفعا؛ و ما لك منه عوض. و قد كاده مخارق عندك فزاد في صدر الصوت من زوائده التي تعرف، و تركه في المصراع الثاني على حاله، و نقص من البيت الثاني، و قد تبيّنت ذلك.

و أنا أعرضه على إسحاق و أغنيه إيّاه على صحّته، و اسمع ما يقول. و ما زالت تلطف للواثق حتى رضي عنه و أمر بإحضاره. فغنّته إيّاه فريدة كما صنعه الواثق. فلمّا سمعه قال: هذا صوت صحيح الصّنعة و القسمة و التجزئة، و ما هكذا سمعته في المرة الأولى. ثم أخبر الواثق عن مواضع فساده حينئذ، و أبان ذلك له بما فهمه. و غنّته فريدة عدّة أصوات من القديم و الحديث كلّها يقول فيها بما عنده من مدح لبعضها و طعن على بعض. فاستحسن الواثق ذلك و أجازه يومئذ و حباه، و جفا مخارقا مدّة لما فعله به.

أخبرني جحظة قال حدّثني ابن المكّيّ عن أبيه قال:

كان الواثق إذا صنع شيئا من الغناء أخبر إسحاق به و عرضه عليه حتى يصلح ما فيه ثم يظهره.

و قد أخبرني الحسن بن عليّ عن يزيد بن محمد المهلّبيّ بهذا الخبر فذكر نحو ما ذكرته هاهنا و في ألفاظه اختلاف. و قد تقدّم ذكره [1] و ابتدأناه في أخبار إسحاق. و الأبيات الثانية التي غنّى فيها الواثق و إسحاق أنشدنيها عليّ بن سليمان الأخفش و عليّ بن هارون بن عليّ بن يحيى جميعا عن هارون بن عليّ بن يحيى عن أبيه عن إسحاق لأعرابيّ، و أنشدناها محمد بن العبّاس اليزيديّ قال أنشدني أحمد بن يحيى ثعلب لبعض الأعراب:

/

ألا قاتل اللّه الحمامة غدوة

على الغصن ما ذا هيّجت حين غنّت‌

فغنّت بصوت أعجميّ فهيّجت‌

هواي الذي كانت ضلوعي أكنّت‌

فلو قطرت عين امرئ من صبابة

دما قطرت عيني دما و ألمّت‌

فما سكتت حتى أويت لصوتها

و قلت أرى هذي الحمامة جنّت‌


[1] راجع ج 5 ص 360- 361 من هذه الطبعة.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 9  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست