قال: فبلغتها
الأبيات، فجزعت جزعا شديدا و بكت بكاء كثيرا. ثم خرجت إليه ليلا على موعد فاعتذرت
و قالت:
إنما أبقي عليك
و أخشى أن تقتل، فأنا أتحاماك لذلك، و لو لا هذا لما/ افترقنا. و ودّعته و انصرفت.
شعره فيها و
قد بلغه أنها كذبت مرضه:
و قال خالد بن
كلثوم: فبلغه أنّ أهلها قالوا لها: إنه عليل لما به و إنه سيموت في سفره هذا.
فقالت لهم لتدفعهم عن نفسها: ما أراه إلا كاذبا فيما يدّعي و متعلّلا لا عليلا.
فبلغه ذلك فقال:
تكاد بلاد اللّه يا أمّ معمر
بما رحبت يوما عليّ تضيق
تكذّبني بالودّ لبنى وليتها
تكلّف منّي مثله فتذوق
و لو تعلمين الغيب أيقنت أنني
لكم و الهدايا المشعرات صديق
تتوق إليك النفس ثم أردّها
حياء و مثلي بالحياء حقيق
أذود سوام النفس عنك و ماله
على أحد إلا عليك طريق
فإنّي و إن حاولت صرمي و هجرتي
عليك من احداث الرّدى لشفيق
و لم أر أيّاما كأيّامنا التي
مررن علينا و الزمان أنيق
و وعدك إيّانا، و لو قلت عاجل،
بعيد كما قد تعلمين سحيق
و حدّثتني يا قلب أنك صابر
على البين من لبنى فسوف تذوق
فمت كمدا أو عش سقيما فإنّما
تكلّفني مالا أراك تطيق
أطعت وشاة لم يكن لك فيهم
خليل و لا جار عليك شفيق
فإن تك لمّا تسل عنها فإنّني
بها مغرم صبّ الفؤاد مشوق
/ بلبنى أنادى عند أوّل
غشية
و يثني بها الدّاعي لها فأفيق
[1]
الجنازة (بالكسر و يفتح): الميت. و قيل: الجنازة بالكسر الميت و بالفتح السرير، و
قيل عكس ذلك. و المراد هنا المريض المشرف على الموت.