تزوج حارثة بن بدر ميسة بنت جابر، و كانت تذكر بجمال و عقل و لسان، فلما هلك حارثة تزوّجها بشر بن شعاف بعده فلم تحمده، فقالت ترثي حارثة:
/
بدّلت بشرا شقاء أو معاقبة
من فارس كان قدما غير خوّار
يا ليتني قبل بشر كان عاجلني
داع من اللّه أو داع من النّار
و قالت أيضا فيه:
ما خار لي ذو العرش لمّا استخرته
و عذّبني أن صرت لابن شعاف
فما كان لي بعلا و ما كان مثله
يكون حليفا أو ينال إلا في
فيا ربّ قد أوقعتني في بليّة
فكن لي حصنا منه ربّ و كاف [1]
و نحّ إلهي ربقتي من يد امرى ء
شتيم محيّاه لكل مصافي [2]
هو السّوأة السّواء لا خير عنده
لطالب خير أو أحذّ قوافي [3]
يرى أكلة إن نلتها قلع ضرسه
و ما تلك زلفى يال عبد مناف
و إن حادث عضّ الشّعافيّ لم يكن
صليبا و لا ذا تدرأ و قذاف [4]
بينه و بين ابن زنيم
: أخبرني محمد بن مزيد [5]، قال: أنبأنا حماد بن إسحاق عن أبيه، عن عاصم ابن الحدثان، قال:
لقي أنس بن زنيم الدّئلي حارثة بن بدر فقال له: يا حارثة، قد قلت لك أبياتا فاسمعها. فقال: هاتها، فأنشده:
فحتّى متى أنت ابن بدر مخيّم
و صحبك يحسون الحليب من الكرم
فإن كان شرّا فاله عنه و خلّه
لغيرك من أهل التّخبّط و الظّلم
/ و إن كان غنما يا بن بدر فقد أرى
سئمت من الإكثار من ذلك الغنم
و إن كنت ذا علم بها و احتسائها [6]
فما لك تأتي ما يشينك عن علم
تق اللّه و أقبل يا بن بدر نصيحتي
و دعها لمن أمسى بعيدا من الحزم
فلو أنها كانت شرابا محلّلا
و قلت لي اتركها لأوضعت [7] في الحكم [8]
و أيقنت أن القول [9] ما قلت فانتفع
بقولي و لا تجعل كلامي من الجرم
[2] الربقة، بكسر الراء و سكون الباء: العقدة. و شتيم المحيا: كريهه.
[3] الأحذ: الذي لا يتعلق به شيء لجودته.
[4] الشعافي، هو بشر بن شعاف، المذكور قبل. و ذو تدرأ: ذو عزة و منعة. و القذاف: الرمي.
[5] ب: «يزيد».
[6] أ، ب: «بما في احتسائها».
[7] أوضعت: أسرعت.
[8] أ، ب: «في الحلم».
[9] أ، ب: «الحلم».