سمعت
إبراهيم بن العباس يصف العبّاس بن الأحنف، فقال: كان و اللّه ممّن إذا تكلّم لم
يحبّ سامعه أن يسكت، و كان فصيحا جميلا ظريف اللّسان، لو شئت أن تقول كلامه كله
شعر لقلت.
حدّثني محمد بن
يحيى قال حدّثني عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر قال:
رأيت نسخا من شعر
العبّاس بن الأحنف بخراسان، و كان عليها مكتوب: «شعر الأمير أبي الفضل العبّاس».
هو من عرب
خراسان و منشؤه بغداد
: أخبرني عليّ
بن سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد قال حدّثني صالح بن عبد الوهاب:
أنّ العبّاس بن
الأحنف كان من عرب خراسان، و منشؤه ببغداد، و لم تزل العلماء/ تقدّمه على كثير من
المحدثين، و لا تزال قد ترى له الشيء البارع جدا حتى تلحقه بالمحسنين.
/ أخبرني محمد
بن يحيى قال حدّثنا يموت بن المزرّع قال.
سمعت خالي
(يعني الجاحظ) يقول: لو لا أنّ العبّاس بن الأحنف أحذق الناس و أشعرهم و أوسعهم
كلاما و خاطرا ما قدّر أن يكثر شعره في مذهب واحد لا يجاوزه، لأنه لا يهجو و لا
يمدح و لا يتكسّب و لا يتصرّف، و ما نعلم شاعرا لزم فنا واحدا لزومه فأحسن فيه و
أكثر.
حدّثني محمد بن
يحيى قال حدّثنا محمد بن القاسم بن خلّاد قال: أنشد الحرمازيّ أبو عليّ و أنا حاضر
للعبّاس بن الأحنف:
صوت
لا جزى اللّه دمع عيني خيرا
و جزى اللّه كلّ خير لساني
نمّ دمعي فليس يكتم شيئا
و رأيت اللّسان ذا كتمان
كنت مثل الكتاب أخفاه طيّ
فاستدلّوا عليه بالعنوان
- الغناء لعريب رمل- ثم قال الحرمازيّ: هذا و
اللّه طراز يطلب الشعراء مثله فلا يقدرون عليه.
لعنه أبو
الهذيل العلاف لشعر قاله فهجاه
: أخبرني محمد
قال حدّثني حسين بن فهم قال سمعت العطويّ يقول:
كان العبّاس بن
الأحنف شاعرا مجيدا غزلا، و كان أبو الهذيل العلّاف يبغضه و يلعنه لقوله:
إذا أردت سلوا كان ناصركم
قلبي، و ما أنا من قلبي بمنتصر
فأكثروا أو أقلّوا من إساءتكم
فكلّ ذلك محمول على القدر
قال: فكان أبو
الهذيل يلعنه لهذا و يقول: يعقد الكفر و الفجور في شعره.
/ قال محمد بن
يحيى: و أنشدني محمد بن العباس اليزيديّ شعرا للعباس أظنّه يهجو به أبا الهذيل- و
ما سمعت للعبّاس هجاء غيره-: