كان متولي
السوق بالمدينة و أخذ عن معبد و جميلة و عزة الميلاء
: البردان لقب
غلب عليه. و من الناس من يقول: بردان من أهل المدينة، و أخذ الغناء عن معبد و قبله
عن جميلة و عزّة الميلاء. و كان معدّلا مقبول الشّهادة، و كان متولّي السّوق
بالمدينة.
قال هارون بن
الزيّات حدّثني أبو أيّوب المدينيّ عن محمد بن سلّام قال: هو بردان بضم الباء و
تسكين الراء.
أخبرني محمد بن
مزيد بن أبي الأزهر و حسين بن يحيى قالا حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه، و أخبرني
عليّ بن عبد العزيز عن ابن خرداذبه قال قال إسحاق:
كان بردان
متولّي السوق بالمدينة. فقدّم إليه رجل خصما يدّعي عليه حقّا؛ فوجب الحكم عليه
فأمر به إلى الحبس. فقال له الرجل: أنت بغير هذا أعلم منك بهذا. فقال: ردّوه فردّ؛
فقال: لعلك تعني الغناء! إني و اللّه به لعارف؛ و لو سمعت شيئا جاء البارحة لازددت
علما بأني عارف، و مهما جهلت فإني بوجوب الحقّ عليك عالم؛ اذهبوا به إلى الحبس حتى
يخرج إلى غريمه من حقّه.
رآه سياط
بالمدينة و أخذ عنه أصواتا
: قال و حدّثني
أبو أيّوب عن حمّاد عن أبيه عن ابن جامع عن سياط قال:
رأيت البردان
بالمدينة يتولّى سوقها و قد أسنّ؛ فقلت له: يا عمّ، إني/ رويت لك صوتا صنعته، و
أحببت أن تصحّحه لي. فضحك ثم قال: نعم يا بنيّ و حبّا و كرامة. لعله:
كم أتى دون عهد
أمّ جميل فقلت: قال: مل بنا إلى هاهنا؛ فمال بي إلى دار في السّوق، ثم قال: غنّه؛
فقلت: بل تتمّ إحسانك يا عمّ و تغنّيني به فإنه أطيب لنفسي؛ فإن سمعته كما أقول/
غنّيته و أنا غير متهيّب، و إن كان فيه مستصلح استعدته [1]. فضحك ثم قال: أنت لست
تريد أن تصحّح غنائك، إنما تريد أن تقول سمعتني و أنا شيخ و قد انقطعت و أنت شابّ.
فقلت للجماعة [2]: إن رأيتم أن تسألوه أن يشفّعني فيما طلبت منه! فسألوه، فاندفع
فغنّاه فأعاده ثلاث مرّات؛ فما رأيت أحسن من غنائه على كبر سنّه و نقصان صوته. ثم
قال: غنّه فغنّيته؛ فطرب الشيخ حتى بكى، و قال: اذهب يا بنيّ،