و هذان البيتان
هما اللّذان أحفظا المأمون على عليّ بن جبلة حتى سلّ لسانه من قفاه، و قوله في أبي
دلف أيضا:
أنت الذي تنزل الأيّام منزلها
و تنقل الدهر من حال إلى حال
و ما مددت مدى طرف إلى أحد
إلّا قضيت بأرزاق و آجال
و سنذكر ذلك في
موضعه من أخبار عليّ بن جبلة إن شاء اللّه تعالى؛ إذ كان القصد هاهنا أمر أبي دلف.
ذكرت قصة له
في الكرم و أخرى لأبي البختري فكان هو أكرم
: أخبرني أحمد
بن عبيد اللّه بن عمّار قال:
كنّا عند أبي
العباس المبرّد يوما و عنده فتى من ولد أبي البختري وهب بن وهب القاضي أمرد حسن
الوجه، و فتى من ولد أبي دلف العجليّ شبيه به في الجمال. فقال المبرّد لابن أبي
البختريّ: أعرف لجدّك قصّة ظريفة من الكرم حسنة لم يسبق إليها. قال: و ما هي؟ قال:
دعي رجل من أهل الأدب إلى بعض المواضع، فسقوه نبيذا غير الذي كانوا يشربون منه؛
فقال فيهم:
نبيذان في مجلس واحد
لإيثار مثر على مقتر
فلو كان فعلك ذا في الطعام
لزمت قياسك في المسكر
و لو كنت تطلب شأو الكرام
صنعت صنيع أبي البختري
تتبّع إخوانه في البلاد
فأغنى المقلّ عن المكثر
/ فبلغت الأبيات أبا البختريّ فبعث إليه
بثلاثمائة دينار. قال ابن عمّار: فقلت: قد فعل جدّ هذا الفتى في هذا المعنى ما هو
أحسن من هذا. قال: و ما فعل؟ قلت: بلغه أنّ رجلا افتقر بعد ثروة، فقالت له امرأته:
افترض في الجند؛ فقال: