: هو القاسم بن
عيسى بن إدريس، أحد بني عجل بن لجيم بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل. و محلّه في
الشجاعة و علوّ المحلّ عند الخلفاء و عظم الغناء في المشاهد و حسن الأدب و جودة
الشعر محلّ ليس لكبير أحد [1] من نظرائه. و ذكر ذلك أجمع مما لا معنى له لطوله؛ و
في هذا القدر من أخباره مقنع. و له أشعار جياد، و صنعة كثيرة حسنة. فمن جيّد شعره
و له فيه صنعة قوله:
صوت
بنفسي يا جنان و أنت منّي
محلّ الروح من جسد الجبان
/ و لو أنّي أقول مكان
نفسي
خشيت عليك بادرة الزمان
لإقدامي إذا ما الخيل حامت
و هاب كماتها حرّ الطّعان
و له فيه لحن.
و هذا البيت الأوّل أخذه من كلام إبراهيم النّظّام [2].
أخذ معنى من
محاورة إبراهيم النظام لغلام
: أخبرني به
عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثني محمد بن الحسن بن الحرون قال:
لقي إبراهيم
النظّام غلاما حسن الوجه، فاستحسنه و أراد كلامه فعارضه، ثم قال له: يا غلام، إنك
لو لا ما سبق من قول الحكماء مما جعلوا به السبيل لمثلي إلى مثلك في قولهم: لا
ينبغي لأحد أن يكبر عن أن يسأل، كما أنه لا ينبغي لأحد أن يصغر عن أن يقول، لما
أنبت [3] إلى مخاطبتك و لا انشرح صدري لمحادثتك، لكنه سبب الإخاء و عقد المودّة، و
محلّك من قلبي محلّ الروح من جسد الجبان. فقال له الغلام/- و هو لا يعرفه-: لئن
قلت ذلك أيها الرجل لقد قال أستاذنا إبراهيم النظّام: الطبائع تجاذب ما شاكلها
بالمجانسة، و تميل إلى ما قاربها بالموافقة؛ و كياني مائل إلى كيانك بكلّيّتي. و
لو كان الذي انطوى عليه عرضا لم أعتدّ به ودّا، و لكنه جوهر جسمي؛ فبقاؤه ببقاء
النفس، و عدمه بعدمها؛ و أقول كما قال الهذليّ: