ثم
اعل على شرف و صح بهذه الأبيات و خلاك ذمّ. ثم أنشدني هذه الأبيات:
/
صدع النّعيّ و ما كنى بجميل
و ثوى بمصر ثواء غير قفول
- و ذكر الأبيات المتقدّمة- فلما قضى و واريته
أتيت رهط بثينة ففعلت ما أمرني به جميل، فما استتممت الأبيات حتى برزت إليّ امرأة
يتبعها نسوة قد فرعتهنّ/ طولا و برزت أمامهن كأنها بدر قد برز في دجنّة و هي
تتعثّر في مرطها [1] حتى أتتني، فقالت: يا هذا، و اللّه لئن كنت صادقا لقد قتلتني،
و لئن كنت كاذبا لقد فضحتني. قلت:
و اللّه ما أنا
إلّا صادق، و أخرجت حلّته. فلما رأتها صاحت بأعلى صوتها و صكّت وجهها، و اجتمع
نساء الحيّ يبكين معها و يندبنه حتى صعقت فمكثت مغشيّا عليها ساعة، ثم قامت و هي
تقول:
و إنّ سلوّي عن جميل لساعة
من الدّهر ما حانت و لا حان حينها
سواء علينا يا جميل بن معمر
إذا متّ بأساء الحياة و لينها
قال: فلم أر
يوما كان أكثر باكيا و باكية منه يومئذ.