قال: فضربت
بثينة جانب خدرها و قالت: إخسأ إخسأ! فقال أبوها: مهيم [2] يا بثينة؟ قالت: كلب
يأتينا إذا نوّم الناس من وراء الرّابية. ثم قالت للجارية: ابغينا من الدّومات
حطبا/ لنذبح لكثيّر شاة و نشويها له. فقال كثيّر: أنا أعجل من ذلك. و راح إلى جميل
فأخبره. فقال له جميل: الموعد الدّومات. و قالت لأم الحسين و ليلى و نجيّا بنات
خالتها و كانت قد أنست إليهنّ و اطمأنّت بهنّ: إني قد رأيت في نحو نشيد كثيّر أن
جميلا معه. و خرج كثيّر و جميل حتى أتيا الدّومات، و جاءت بثينة و من معها، فما
برحوا حتى برق الصبح. فكان كثيّر يقول: ما رأيت مجلسا قطّ أحسن من ذلك و لا مثل
علم أحدهما بضمير الآخر! ما أدري أيّهما كان أفهم!
وصف صالح بن
حسان بيتا من شعره
: أخبرني محمد
بن العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا الخليل بن أسد قال حدّثنا العمريّ عن الهيثم بن
عديّ، و أخبرني عمّي عن الكرانيّ عن العمريّ عن الهيثم بن عديّ قال قال لي صالح بن
حسّان:
هل تعرف بيتا
نصفه أعرابيّ [3] في شملة و آخره مخنّث من أهل العقيق يتقصف تقصّفا؟ قلت: لا. قال:
قد أجّلتك حولا. قلت: لا أدري ما هو! فقال قول جميل:
ألا أيّها النّوّام ويحكم هبّوا
كأنه أعرابيّ
في شملة. ثم أدركه ما يدرك العاشق فقال:
أسائلكم هل يقتل الرجل الحبّ
كأنه من كلام
مخنّثي العقيق.
أهدر السلطان
لأهل بثينة دمه إن لقيها و ما كان منه بعد ذلك
: أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب قال أخبرنا عبد اللّه بن أبي كريم عن أبي
عمرو و إسحاق بن مروان قال [4]:
عشق جميل بثينة
و هو غلام، فلما بلغ خطبها فمنع منها، فكان يقول فيها الأشعار، حتى اشتهر و طرد،
فكان يأتيها سرّا ثم تزوّجت فكان يزورها في بيت زوجها [في الحين] خفية إلى أن
استعمل دجاجة بن ربعيّ على وادي القرى فشكوه إليه فتقدّم إليه ألّا يلمّ بأبياتها
و أهدر دمه لهم إن عادوا زيارتها، فاحتبس حينئذ.
[1]
رواية «الأمالي» لأبي علي القالي (ج 3 ص 231 طبع دار الكتب المصرية):
على نأي دار و الرسول موكل
[2] مهيم: كلمة يمانية و معناها: ما أمرك، و
ما شأنك، و ما الذي أرى بك؟ و نحو هذا من الكلام.
[3] كذا وردت
هذه العبارة في «الأغاني» فيما يأتي في هذه الترجمة (ص 118). و وردت في ب، س هنا:
«هل تعرف نصف بيت أعرابي في شملة و نصف مخنث ... إلخ» و في سائر الأصول: «... بيت
أعرابي في شملة و نصفه مخنث ... إلخ».