قال: و إنّ
بثينة لمّا أخبرت أن جميلا قد نسب بها حلفت باللّه لا يأتيها على خلاء إلّا خرجت
إليه و لا تتوارى منه، فكان يأتيها عند غفلات الرجال فيتحدّث إليها و مع أخواتها،
حتى نمي إلى رجالها أنه يتحدّث إليها إذا خلا منهم، و كانوا أصلافا غيرا- أو قال
غيارى- فرصدوه بجماعة نحو من بضعة عشر رجلا و جاء على الصّهباء [2] ناقته حتى وقف
على بثينة و أمّ الجسير و هما يحدّثانه و هو ينشدهما يومئذ:
فكان هذا أوّل
سبب المهاجاة بينه و بين عبيد اللّه بن قطبة.
واعدته بثينة
فمنعها أهلها فقرّعه نساء الحي، و شعره في ذلك
: أخبرني
الحرميّ قال حدّثنا الزبير قال حدّثنا بهلول بن سليمان عن مشيخة من عذرة:
أنّ بثينة [5]
واعدت جميلا أن يلتقيا في بعض المواضع فأتى لوعدها. و جاء أعرابيّ يستضيف القوم
فأنزلوه و قروه؛ فقال لهم: قد رأيت في بطن هذا الوادي ثلاثة نفر متفرّقين متوارين في
الشجر، و أنا خائف عليكم أن يسلبوا بعض إبلكم؛ فعرفوا أنه جميل و صاحباه، فحرسوا
بثينة و منعوها من الوفاء بوعده. فلما أسفر له الصبح انصرف كئيبا سيئ الظنّ بها و
رجع إلى/ أهله؛ فجعل نساء الحيّ يقرّعنه بذلك و يقلن له: إنما حصلت منها على
الباطل و الكذب و الغدر، و غيرها أولى بوصلك منها، كما أنّ غيرك يحظى بها. فقال في
ذلك:
[1]
كذا في «معجم البلدان» لياقوت و «شرح القاموس»، و ذكر شارح القاموس أنه موضع. و في
الأصول: «برقة محول» بالحاء المهملة.
[3] دفين:
اسم موضع كما في «شرح القاموس» (مادة دفن).
[4] وردت هذه
الكلمة في الأصول، و لعلها محرفة عن الشنان و هو البغض و العداوة.
[5] ورد هذا
الخبر في أ، ء، م، ح هكذا: «... عن مشيخة من عذرة و بلى أن رهط بثينة نذروا دم
جميل و سمعوا أنه قد أمسى بوادي القرى و هو يريد طريق مكة فخرج منهم ركبان فتقدموا
فوجدوه على مضيق من الطريق بسند الوادي فأخذوا جانبي القرى بأخذه السيل و هو جهد
ما يخرج منه الراحلة و الشق بعض إبلكم ... إلخ» و هو غير واضح.