قال: ثم اجتمع
جرير و ابن لجأ بالمدينة و قد وردها الوليد بن عبد الملك، و كان يتألّه [2] في
نفسه، فقال: أ تقذفان المحصنات و تغضبانهنّ! ثم أمر أبا بكر محمد بن حزم/
الأنصاريّ- و كان واليا له بالمدينة- بضربهما، فضربهما و أقامهما على البلس [3]
مقرونين، و التّيميّ يومئذ أشبّ من جرير، فجعل يشول [4] بجرير و جرير يقول و هو
المشول به:
فقال له قدامة
بن إبراهيم الجمحيّ: و بئسما قلت! جعلت نفسك المقرون إليه! قال: فكيف أقول؟ قال
تقول:
و لمّا لزّ في
قرني جرير فقال: جزيت خيرا، لا أقوله و اللّه أبدا إلا هكذا.
هو و الأخطل
في حضرة عبد الملك ابن مروان
: حدّثني محمد
بن عمران الصّيرفيّ قال حدّثنا العنزيّ قال حدّثني محمد بن عبد اللّه العبديّ قال
حدّثني عمارة بن عقيل عن أبيه قال:
وقف جرير على
باب عبد الملك بن مروان و الأخطل داخل عنده، و قد كانا تهاجيا و لم يلق أحدهما
صاحبه.
فلما استأذنوا
لجرير أذن له فسلّم و جلس، و قد عرفه الأخطل، فطمح بصر جرير إليه فقال له: من أنت؟
فقال: أنا الذي منعت نومك و هضمت قومك. فقال له جرير: ذاك أشقى لك كائنا من كنت.
ثم أقبل على عبد الملك فقال:
من هذا يا أمير
المؤمنين؟ فضحك و قال: هذا الأخطل يا أبا حزرة. فردّ بصره إليه و قال: فلا حيّاك
اللّه يا ابن النصرانية! أمّا/ منعك نومي فلو نمت عنك لكان خيرا لك. و أما تهضّمك
قومي فكيف تهضّمهم و أنت ممن ضربت عليهم الذّلّة و المسكنة و باءوا بغضب من
اللّه!. ائذن لي يا أمير المؤمنين في ابن النصرانيّة. فقال: لا يكون ذلك بين يديّ.
فوثب جرير مغضبا. فقال عبد الملك: قم يا أخطل و اتبع صاحبك؛ فإنما قام غضبا علينا
فيك؛ فنهض الأخطل. فقال عبد الملك لخادم له: انظر ما يصنعان إذا برز له الأخطل.
فخرج جرير فدعا بغلام له فقدّم إليه حصانا له أدهم فركبه و هدر و الفرس يهتزّ من
تحته، و خرج الأخطل فلاذ بالباب و توارى خلفه، و لم يزل واقفا حتى مضى جرير. فدخل
الخادم إلى عبد الملك فأخبره؛ فضحك و قال: قاتل اللّه جريرا! ما أفحله! أما و
اللّه لو كان النصرانيّ برز إليه لأكله.
[1]
لهذا قصة بسطها أبو الفرج في ترجمة الأخطل في الصفحتين السابقتين.