/ و قال محمد
بن سلّام: قال العلاء بن جرير العنبريّ و كان شيخا و قد جالس الناس: إذا لم يجيء
الأخطل سابقا فهو سكّيت [1]، و الفرزدق لا يجيء سابقا و لا سكّيتا، و جرير يجيء
سابقا و مصلّيا [2] و سكّيتا. قال محمد بن سلّام: و رأيت أعرابيّا من بني أسد
أعجبني ظرفه و روايته، فقلت له: أيّهما عندكم أشعر؟ قال: بيوت الشعر أربعة:
فخر و مديح و
هجاء و نسيب، و في كلّها غلب جرير؛ قال في الفخر:
إذا غضبت عليك بنو تميم
حسبت الناس كلّهم غضابا
و المديح:
أ لستم خير من ركب المطايا
و أندى العالمين بطون راح
و الهجاء:
فغضّ الطّرف إنك من نمير
فلا كعبا بلغت و لا كلابا
و النّسيب:
إنّ العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
قال أبو عبد
اللّه محمد بن سلّام: و بيت النّسيب عندي:
فلما التقى الحيّان ألقيت العصا
و مات الهوى لما أصيبت مقاتله
قال كيسان [3]:
أما و اللّه لقد أوجعكم (يعني في الهجاء). فقال: يا أحمق! أ و ذاك يمنعه أن يكون
شاعرا!.
تفضيله عبيدة
بن هلال على الفرزدق
أخبرني أحمد بن
عبد العزيز قال حدّثني عمر بن شبّة قال قال أبو عبيدة، و أخبرنا أبو خليفة قال
حدّثني محمد بن سلّام الجمحيّ قال حدّثني أبان بن عثمان البلخيّ قال:
/ تنازع في
جرير و الفرزدق رجلان [4] في عسكر المهلّب، فارتفعا إليه و سألاه؛ فقال: لا أقول
بينهما شيئا و لكنّي أدلّكما على من يهون عليه سخطهما: عبيدة [5] بن هلال
اليشكريّ- و كان بإزائه مع قطريّ [6] و بينهما نهر.
و قال عمر بن
شبّة: في هؤلاء الخوارج من تهون عليه سبال [7] كلّ واحد منهما- فأمّا أنا فما كنت
لأعرّض نفسي لهما. فخرج أحد الرجلين و قد تراضيا بحكم الخوارج؛ فبدر من الصفّ ثم
دعا بعبيدة بن هلال للمبارزة فخرج إليه.
[1]
السكيت (بتشديد الكاف و تخفيفها): الذي يجيء آخر الخيل في السباق.