: إسماعيل بن
الهربذ مكيّ مولّى لآل الزّبير بن العوّام، و قيل: بل هو مولى بني كنانة. أدرك آخر
أيام بني أميّة و غنّى للوليد بن يزيد، و عمّر إلى آخر أيام الرشيد.
قدم على
الرشيد و عنده بعض كبار المغنين فأطربه دونهم
: أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه عن عبد اللّه بن أبي سعد عن محمد بن
عبد اللّه بن مالك الخزاعيّ عن أبيه:
أن إسماعيل بن
الهربذ قدم على الرشيد من مكة، فدخل إليه و عنده ابن جامع و إبراهيم و ابنه إسحاق
و فليح و غيرهم و الرشيد يومئذ خاثر [1] به خمار شديد؛ فغنّى ابن جامع ثم فليح ثم
إبراهيم ثم إسحاق، فما حرّكه أحد منهم و لا أطربه؛ فاندفع ابن الهربذ يغنّي،
فعجبوا من إقدامه في تلك الحال على الرشيد، فغنّى:
صوت
يا راكب العيس التي
وفدت من البلد الحرام
قل للإمام ابن الإما
م أخي الإمام أبي الإمام
زين البريّة إذ بدا
فيهم كمصباح الظلام
جعل الإله الهربذيّ
فداك من بين الأنام
- الغناء لابن الهربذ رمل بالوسطى عن عمرو- قال
فكاد الرشيد يرقص، و استخفّه الطرب حتى ضرب بيديه و رجليه، ثم أمر له بعشرة آلاف
درهم، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن لهذا الصوت حديثا، فإن أذن مولاي حدّثته به؛
فقال: حدّث. قال: كنت مملوكا لرجل من ولد الزّبير، فدفع إليّ درهمين أبتاع/ له
بهما لحما، فرحت فلقيت جارية على رأسها جرّة مملوءة من ماء العقيق [2] و هي تغنّي
هذا اللحن في شعر غير هذا الشعر على وزنه و رويّه؛ فسألتها أن تعلّمنيه؛ فقالت: لا
و حقّ القبر [3] إلّا بدرهمين؛ فدفعت إليها الدرهمين و علّمتنيه؛ فرجعت إلى مولاي