فجعل أصحابه
يتعجّبون و يقولون: انظروا إلى هذا! كان قبيل [الصبح] [1] يسبّح و هو الآن ينشد
الشعر.
قال [2]: و أمر
يزيد عبد العزيز بن الحجّاج بن عبد الملك بن/ مروان فوقف بباب الجابية فنادى: [من
كان له عطاء فليأت إلى عطائه، و من لم يكن له عطاء فله ألف درهم معونة] [3]؛ فبايع
له الناس و أمر بالعطاء. قال: و ندب يزيد بن الوليد الناس إلى قتال الوليد بن يزيد
مع عبد العزيز، و قال: من انتدب معه فله ألفان، فانتدب ألفا رجل؛ فأعطاهم و قال:
موعدكم ذنبة [4]؛ فوافى ذنبة ألف و مائتا رجل؛ فقال: ميعادكم مصنعة بالبرّيّة و هي
لبنى عبد العزيز بن الوليد؛ فوافاه ثمانمائة رجل، فسار فوافاهم ثقل [5] الوليد
فأخذوه و مع عبد العزيز فرسان منهم منصور بن جمهور و يعقوب بن عبد الرحمن السّلميّ
و الأصبغ بن ذؤالة و شبيب بن أبي مالك الغسّانيّ و حميد بن نصر اللّخميّ، فأقبلوا
فنزلوا قريبا من الوليد. فقال الوليد: أخرجوا لي سريرا فأخرجوه فصعد عليه. و أتاه
خبر العباس بن الوليد: إنّي أجيئك. و أتي الوليد بفرسين الذائد [6] و السّنديّ؛ و
قال: أ عليّ يتواثب الرجال و أنا أثب على الأسد و أتخصّر [7] الأفاعي!. و هم
ينتظرون العباس أن يأتيهم و لم يكن بينهم كبير قتال، فقتل/ عثمان [8] الخشبيّ، و
كان من أولاد الخشبيّة الذين كانوا مع المختار [9]. و بلغ عبد العزيز بن الحجّاج
أن العباس بن الوليد يأتي الوليد؛ فأرسل منصور بن جمهور في جريدة [9] خيل و قال:
إنكم تلقون العباس بن الوليد و معه بنوه في الشّعب فخذوه. و خرج منصور/ في تلك
الخيل و تقدّموا إلى الشّعب، و إذا العبّاس و معه ثلاثون [10] قد تقدّموا أصحابه؛
فقال له: اعدل إلى عبد العزيز، فشتمهم؛ فقال له منصور: و اللّه لئن تقدّمت لأنفذنّ
حصينك [11] بالرّمح؛ فقال: إنا للّه! فأقبلوا به يسوقونه إلى عبد العزيز، فقال له
عبد العزيز: بايع ليزيد؛ فبايع و وقف؛ و نصبوا [12] راية و قالوا: هذا العباس قد
بايع. و نادى منادي عبد العزيز؛ من لحق بالعباس بن الوليد فهو آمن؛ فقال العباس:
إنا للّه! خدعة من خدع الشيطان! هلك و اللّه بنو مروان!. فتفرّق الناس عن الوليد و
أتوا العباس. و ظاهر الوليد في درعين و قاتلهم. و قال الوليد: من جاء برأس فله
خمسمائة درهم، فجاء جماعة بعدّة رءوس، فقال: اكتبوا أسماءهم؛ فقال له رجل من
[6] في
الأصول: «الزابد». و التصويب عن «نسب الخيل» لهشام بن محمد الكلبي (ص 44) طبع ليدن
و «شرح القاموس» مادة «ذود».
[7] كذا في
«الطبري». و تخصر: أخذ المخصرة (العصا) بيده و أمسكها. و في الأصول: «و أعض».
[8] كذا في
«الطبري» (قسم 2 ص 1798، 1804). و كان من أصحاب الوليد بن يزيد. و في الأصول:
«يزيد بن عثمان الخشبي» و هو خطأ.
[9] يريد
المختار بن أبي عبيد. خرج بالكوفة سنة ست و ستين مطالبا بدم الحسين رضي اللّه عنه
و أهل بيته و ذلك في سلطان ابن الزبير و أخرج عن الكوفة عبد اللّه بن مطيع عامل
ابن الزبير، ثم قتله مصعب بن الزبير.
[10] كذا في
أ، ء، م. و في ب، س، ح: «و معه بنوه». و عبارة الطبري: «في ثلاثين من بنيه».
[11] كذا في
«الطبري»: و قال: «يعني درعك»: و في الأصول: «خصيتيك»، و هو تحريف.