responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 6  صفحه : 524

كنّا قوما تجارا، و كانت الحرب بيننا و بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد حصرتنا [1] حتى نهكت [2] أموالنا. فلما كانت الهدنة [هدنة الحديبية] [3] بيننا و بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، خرجت في نفر من قريش إلى الشأم، و كان وجه متجرنا منه غزّة، فقدمناها حين ظهر هرقل على من كان بأرضه من الفرس [4]، فأخرجهم منها و انتزع منهم صليبه الأعظم و كانوا قد استلبوه إيّاه. فلما بلغه ذلك منهم و بلغه أن صليبه قد استنقذ منهم، و كانت حمص منزله، خرج [5] منها يمشي على قدميه شكرا للّه حين ردّ عليه ما ردّ ليصلّي في بيت المقدس تبسط له البسط و تلقى عليها الريّاحين. فلما انتهى إلى/ إيلياء فقضى فيها صلاته و كان معه بطارقته و أشراف الروم، أصبح ذات غدوة مهموما يقلّب طرفه إلى السماء.

فقال له بطارقته: و اللّه لكأنّك أصبحت الغداة مهموما. فقال: أجل! رأيت البارحة أن ملك الختان ظاهر. فقالوا:

أيّها الملك، ما نعلم أمّة تختتن إلا اليهود، و هم في سلطانك و تحت يدك، فابعث إلى كلّ من لك عليه سلطان في بلادك فمره فليضرب أعناق من تحت يدك منهم من يهود و استرح من هذا الهمّ. فو اللّه إنهم لفي ذلك من رأيهم يدبّرونه [6] إذ أتاه رسول صاحب بصرى [7] برجل من العرب يقوده- و كانت الملوك تتهادى الأخبار بينهم- فقال:

أيها الملك، إن هذا رجل من العرب من أهل الشّاء و الإبل يحدّث عن أمر حدث فاسأله. فلما انتهى به إلى هرقل رسول صاحب بصرى، قال هرقل لمن جاء به: سله عن هذا الحديث الذي كان ببلده؛ فسأله، فقال: خرج بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبيّ، و قد اتّبعه ناس فصدّقوه و خالفه آخرون، و قد كانت بينهم ملاحم في مواطن كثيرة، و تركتهم على ذلك. فلما أخبره الخبر قال: جرّدوه فإذا هو مختون؛ فقال: هذا و اللّه النبيّ الذي رأيت لا ما تقولون، أعطوه ثيابه و ينطلق. ثم دعا صاحب شرطته فقال له: اقلب الشأم ظهرا لبطن حتى تأتيني برجل من قوم هذا الرجل.

فإنّا لبغزّة إذ هجم علينا صاحب شرطته فقال: أنتم من قوم الحجاز؟ قلنا نعم. قال: انطلقوا إلى الملك، فانطلقوا بنا. فلما انتهينا إليه قال: أنتم من رهط هذا الرجل الذي بالحجاز؟ قلنا نعم. قال: فأيّكم أمسّ به رحما؛ قال: قلت أنا- قال أبو سفيان: و أيم اللّه ما رأيت رجلا أرى أنه أنكر من ذلك الأغلف [8] (يعني هرقل)- ثم قال: أدنه، فأقعدني بين يديه و أقعد أصحابي خلفي، و قال: إني سأسأله، فإن كذب فردّوا عليه.

/- قال: فو اللّه لقد علمت أن لو كذبت ما ردّوا عليّ، و لكنّي كنت امرأ سيّدا أتبرّم عن الكذب؛ و عرفت أنّ أيسر ما في ذلك إن أنا كذبته أن يحفظوه عليّ ثم يحدّثوا به عني، فلم أكذبه- قال: أخبرني عن هذا الرجل الذي خرج بين أظهركم يدّعي ما يدّعي. فجعلت أزهّد له شأنه و أصغّر له أموره، و أقول له: أيها الملك، ما يهمّك من شأنه! إنّ أمره دون ما بلغك؛ فجعل لا يلتفت إلى ذلك منّي. ثم قال: أنبئني فيما أسألك عنه من شأنه. قال: قلت:

سل عمّا بدا لك. قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: محض، هو أوسطنا [9] نسبا. قال: أخبرني هل/ كان أحد في أهل‌


[1] كذا في ح و «تجريد الأغاني». و في سائر الأصول: «حضرتنا» بالضاد المعجمة و هو تصحيف.

[2] كذا في «تجريد الأغاني». و في الأصول: «تهتكت». و هو تحريف.

[3] زيادة عن «تجريد الأغاني».

[4] كذا في «تجريد الأغاني». و في الأصول: «من فارس».

[5] في الأصول: «فخرج».

[6] في ح و «تجريد الأغاني»: «يديرونه».

[7] بصرى: بلد من أعمال دمشق و هي قصبة كورة حوران.

[8] الأغلف: الذي لم يختتن.

[9] أي خيرنا و أفضلنا نسبا.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 6  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست