كانت عاتكة بنت
شهدة أحسن خلق اللّه غناء و أرواهم، و ماتت بالبصرة. و أمّها شهدة نائحة من أهل
مكة.
و كان ابن جامع
يلوذ منها بكثرة الترجيع. فكان إذا أخذ يتزايد في غنائه قالت له: إلى أين يا أبا
القاسم! ما هذا الترجيع الذي لا معنى له! عد بنا إلى معظم الغناء ودع من جنونك.
فأضجرته يوما بين يدي الرشيد فقال لها: إني أشتهي، علم اللّه، أن تحتكّ شعرتي
بشعرتك. فقالت: اخسأ، قطع اللّه ظهرك! و لم تعد لأذاه بعدها.
غنت جارية
بشعر فعارضتها هي و ذمت بندارا الزيات:
أخبرني حبيب بن
نصر المهلّبيّ قال حدّثنا الزّبير بن بكّار قال: قال لي عليّ بن جعفر بن محمد:
/ دخلت على
جواري المروانيّ المغنيات بمكة، و عاتكة بنت شهدة تطارحهنّ لحنها:
يا صاحبيّ دعا الملامة و اعلما
أنّ الهوى يدع الكرام عبيدا
فجعلت واحدة
منهنّ تقول: «يدع الرجال عبيدا». فصاحت بها عاتكة بنت شهدة: ويلك! بندار الزيات
العاضّ بظر أمه رجل! أ فمن الكرام هو!. قال: فكنت إذا مرّ بي بندار أو رأيته غلبني
الضحك فأستحيى منه و آخذ بيده و أجعل ذلك بشاشة؛ حتى أورث هذا/ بيني و بينه
مقاربة؛ فكان يقول: أبو الحسن عليّ بن جعفر صديق لي.
علمت مخارقا
الغناء و هو مولى لها:
و كان مخارق
مملوكا لعاتكة، و هي علّمته الغناء و وضعت يده على العود، ثم باعته؛ فانتقل من ملك
رجل إلى ملك آخر حتى صار إلى الرشيد. و قد ذكر ذلك في أخباره.
/ عروضه من الطويل. الشعر لأبي ذؤيب الهذليّ. و
الغناء لحكم الواديّ، و لحنه المختار من الثقيل الأوّل بالبنصر في مجراها. ابن
بجرة هذا، فيما ذكره الأصمعيّ، رجل كان يبيع الخمر بالطائف، و زعم أن الناطل كوز
تكال به الخمر. و قال ابن الأعرابي: ليس هذا بشيء، و زعم أن الناطل: الشيء؛
يقال: ما في الإناء ناطل، أي شيء. و قال أبو عمرو الشّيباني: سمعت الأعراب
يقولون: الناطل: الجرعة من الماء و اللبن و النبيذ. انتهى.
[1]
اللهاة: اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم.
[3] كذا في
شرح ديوانه رواية أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري المخطوط و المحفوظ بدار الكتب
المصرية (تحت رقم 19 أدب ش) و «ديوان الهذليين» المخطوط و المحفوظ بدار الكتب
المصرية (تحت رقم 6 أدب ش) و «لسان العرب» (مادتي «فيأ» و «أصل»).
و الأفياء:
جمع فيء و هو الظل، و لا يكون الفيء إلا بالعشيّ. و في جميع الأصول: «أفنائه»
(بالنون) و هو تصحيف.