يعني بأبي بكر
ابن صغير العين، و هو من مغنّي مكة. و له أخبار [4] تذكر في موضعها إن شاء اللّه
تعالى.
منزلته في
الغناء و تلاميذه:
و عمّر يحيى
المكي مائة و عشرين سنة، و أصاب بالغناء ما لم يصبه أحد من نظرائه، و مات و هو
صحيح السمع و البصر و العقل. و كان قدم مع الحجازيين الذين قدموا على المهديّ في
أوّل خلافته، فخرج أكثرهم و بقي يحيى بالعراق هو و ولده/ يخدمون الخلفاء إلى أن
انقرضوا. و كان آخرهم محمد بن أحمد بن يحيى المكي، و كان يغنّي مرتجلا، و يحضر
مجلس المعتمد مع المغنين فيوقع بقضيب على دواة. و لقيه جماعة من أصحابنا، و أخذ
عنه جماعة ممن أدركنا [5] من عجائز المغنيّات، منهم قمرية العمريّة، و كانت أمّ
ولد عمرو بن بانة. و ممن أدركه من أصحابنا جحظة، و كتبنا عنه عن ابن المكي هذا حكايات
حسنة من أخبار أهله. و كان ابن جامع و إبراهيم الموصليّ و فليح يفزعون إليه في
الغناء القديم و يأخذونه عنه، و يعايي [6] بعضهم بعضا بما يأخذه منه و يغرب به على
أصحابه؛ فإذا خرجت لهم الجوائز أخذوا [7] منها و وفّروا نصيبه. و له صنعة عجيبة
نادرة متقدّمة. و له كتاب في الأغاني و نسبها و أخبارها [و أجناسها] [8] كبير جليل
مشهور، إلا أنه كان كالمطّرح عند الرواة لكثرة تخليطه في رواياته. و العمل على
كتاب ابنه أحمد، فإنه صحّح كثيرا مما أفسده أبوه، و أزال ما عرفه من تخاليط أبيه،
و حقّق ما نسبه من الأغاني إلى صانعه. و هو يشتمل على نحو ثلاثة آلاف صوت.
عمل كتابا في
الأغاني و أهداه لعبد اللّه بن طاهر فصححه ابنه لمحمد بن عبد اللّه:
أخبرني عبد
اللّه بن الرّبيع قال حدّثني وسواسة بن الموصلي قال حدّثني محمد بن أحمد بن يحيى
المكي قال:
عمل جدّي كتابا
في الأغاني و أهداه إلى عبد اللّه بن طاهر، و هو يومئذ شابّ حديث السن، فاستحسنه و
سرّ به؛