حائية ابن هرمة في مدح عبد الواحد:
و هذه القصيدة الحائية التي مدح بها عبد الواحد من فاخر الشعر و نادر الكلام و من جيّد شعر ابن هرمة خاصة، أولها:
صرمت حبائلا من حبّ سلمى
لهند ما عمدت لمستراح [1]
فإنك إن تقم لا تلق هندا
و إن ترحل فقلبك غير صاحي
/ يظلّ نهاره يهذي بهند
و يأرق ليله حتى الصباح
/ أعبد الواحد المحمود إني
أغصّ حذار سخطك بالقراح
فشلّت راحتاي و جال مهري
فألقاني بمشتجر الرماح
و أقعدني الزمان فبتّ صفرا
من المال المعزّب و المراح
إذا فخّمت غيرك في ثنائي
و نصحي في المغيبة و امتداحي
كأن قصائدي لك فاصطنعني
كرائم قد عضلن عن النكاح
فإن أك قد هفوت إلى أمير
فعن غير التطوّع و السماح
و لكن سقطة عيبت [2] علينا
و بعض القول يذهب في الرياح
لعمرك إنني و بني عديّ [3]
و من يهوى رشادي أو صلاحي
إذا لم ترض عنّي أو تصلني
لفي حين أعالجه متاح
و إنك إن حططت إليك رحلي
بغربيّ الشّراة [4] لذو ارتياح
هششت لحاجة و وعدت أخرى
و لم تبخل بناجزة السّراح
وجدنا غالبا خلقت جناحا
و كان أبوك قادمة الجناح
إذا جعل البخيل البخل ترسا
و كان سلاحه دون السلاح
فإنّ سلاحك المعروف حتى
تفوز بعرض ذي شيم صحاح
سئل عن سبب مدحه لعبد الواحد فأجاب:
أخبرني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار قال حدّثنا يعقوب بن إسرائيل قال حدّثني إبراهيم بن إسحاق العمريّ قال حدّثني عبد اللّه بن إبراهيم الجمحيّ قال:
قلت لابن هرمة: أ تمدح عبد الواحد بن سليمان بشعر ما مدحت به غيره فتقول فيه هذا البيت:
/
وجدنا غالبا كانت جناحا
[2] كذا في ح. و في ب، س: «عيت». و قد ورد هذا الشطر في سائر الأصول غير مستقيم المعنى.
[3] بنو عدي: هم قوم ابن هرمة. وعدي هذا: هو عدي بن قيس بن الحارث بن فهر.
[4] الشراة: صقع بالشام بين دمشق و مدينة الرسول صلى اللّه عليه و سلم.